الفاء هذه فصيحة، يعني: إذا علمت هذا الحكم السابق أن الأم مع الاثنين ترث السدس، حينئذٍ إذا علمت هذا (فَقِسْ هَذَيْنِ) قس هذين، قس هذا فعل أمر، وهذين يحتمل أن يكون مفعول قِسْ، فيكون هو المقيس وأما المقيس عليه فهو محذوف، قسْ هذين، يعني: المذكورين الاثنين، حينئذٍ هو المقيس، والمقيس عليه يكون محذوفًا، والتقدير (فَقِسْ هَذَيْنِ)، أي: الاثنين على ما زاد عليهما كالثلاثة، قس الاثنين على الثلاثة مع أن النص جاء في ماذا؟ جاء في الثلاثة فأكثر، لأن الظاهر {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} ثلاثة فأكثر هذا ظاهر النص، قس هذين هو لم ينص على الاثنين، وإنما ذكر الثلاثة فأكثر، الأصل أن نقيس الاثنين على الثلاثة لكن هو يقول: لا، قس الاثنين هذين المقيس على المقيس عليه على اثنين نعم على ظاهره، قس هذين، أي: الاثنين على الثلاثة، لأن الثلاثة هو الذي جاء به النص، هذا واضح بين.
إذًا (هَذَيْنِ) هو المقيس، وأما المقيس عليه فهو محذوف، والتقدير (فَقِسْ هَذَيْنِ)، أي: الاثنين على ما زاد عليهما كالثلاثة فأكثر، أربعة وخمسة إلى عشرة وأكثر، ووجه ذلك أن الثلاثة لم يختلف في أنها تحجبها بخلاف الاثنين، يعني: الثلاثة لا خلاف بين الفرضيين بين الفقهاء أنهم يحجبون الأم من الثلث إلى السدس لا خلاف فيه، فقد قال ابن عباس بخلاف الاثنين فهذا فيه خلاف، فقد قال ابن عباس بعدم حجبها بهما لظاهر النص، لأن الله تعالى قال:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}. وقوفًا مع ظاهر النص ابن عباس قال: لا بد من الثلاثة، نحتاج إلى دليل واضح بين والفقهاء يحكون إجماعًا في هذه المسألة نحتاج إلى دليل واضح بين يصرف هذا الظاهر اللغوي إلى معنًى شرعي فيكون حينئذٍ لفظ إخوة من حيث اللغة ثلاثة فأقل، نريد أن نصرفه إلى اثنين فأكثر، ثلاثة فأكثر نريد أن نصرفه إلى اثنين فأكثر نحتاج إلى دليل قوي يخالف هذا الظاهر وإلا فلا، ولذلك ابن عباس جرى على ظاهر النص، بخلاف الاثنين فقد قال ابن عباس بعدم حجبها بهما، والجمهور يقيسون الاثنين على الثلاثة في حجبها، والله أعلم.