للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل أن (هَذَيْنِ) منصوب بنزع الخافض، ومفعوله محذوف والتقدير فقس على هذين أي الاثنين الواقعين في نظمي ما زاد عليهما كالثلاثة، يعني قلب فجعل المقيس عليه هو الاثنين كأنه مسلَّمٌ به، والثلاثة هذا كأنه مختلفٌ فيه، يعني كأنه لا خلاف في الأمرين لا في الاثنين ولا في الثلاثة، بدليل أنه جعل الاثنين وهو مختلف فيه جعله أصلاً مقيسًا عليه، والأصل إنما يقاس على المتفق عليه لا على المختلف فيه، على كلٍّ هذا بقوة المسألة عنده جعل المختلف فيه كأنه أصل والمتفق عليه كأنه فرع فلا فرق بينهما البتة (فَقِسْ هَذَيْنِ) قال الشارح: أي عليهما في كلام ما زاد قس عليهم، يعني: اجعله في القول الأول، هو ذكر القولين، جعله في القول الأول على حذف حرف الجر، يعني: منصوب بنزع الخافض، فالمقيس عليه هو الاثنان، والمقيس هو ما زاد، والمراد أنهما مقيس في التصوير والذكر لا في الحكم لأنه ثابت بالنص، فالمصنف صرح بالاثنين ولم يصرح بما زاد على ذلك، فلذلك أمرك بأن تقيس على الاثنين ما زاد عليهما، أو فقس بعض أفراد الاثنين مما لم تشمله الآية على ما شملته منها، الذي لم تشمله الآية باعتبار ماذا؟ باعتبار ظاهرها اللغوي، لأن الاثنين لم تشملهما الآية، {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} في الظاهر هذا جمع وأقل الجمع ثلاثة، أما على قول مالك ونحوه أقل الجمع اثنين لا إشكال فيه، الإشكال فيما إذا صححنا أن أقل الجمع ثلاثة يرد الإشكال، قال هنا: أو فقس بعض أفراد الاثنين، يعني أو هذين مفعول على حذف مضافين، (فَقِسْ) بعض أفراد الاثنين، (هَذَيْنِ) مما لم تشمله الآية على ما شملته منها، كأنه يقول: أن الاثنين لم يرد بهما نص، وإنما ورد النص ... {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} في الثلاثة فأكثر وألحقنا الاثنين من باب القياس، على كلٍّ الاثنان فيهما خلاف بين أهل العلم ويحكى أنه إجماع وقول ابن عباس مشهور في أنه لا يحجبها من الثلث إلى السدس.

إذًا:

وَهْوَ لَهَا أَيْضًا مَعَ الاثْنَيْنِ ... مِنْ إِخْوَةِ الْمَيْتِ فَقِسْ هَذَيْنِ

إذًا الأم هو النوع الثاني ممن يستحق السدس بشرط وهو وجود الفرع الوارث، أو وجود عددٍ جمع من الإخوة مطلقًا سواء كانوا أشقاء أو لأبٍ أو لأم اثنان فأكثر على قول الجمهور، وعلى قول ابن عباس لا بد من ثلاثة فأكثر، والله أعلم.

الثالث الجدُّ قال رحمه الله:

وَالْجَدُّ مِثْلُ الأَبِ عِنْدَ فَقْدِهِ ... في حَوْزِ مَا يُصِيبُهُ وَمَدِّهْ

(وَالْجَدُّ) إذا أطلق الجد انصرف إلى الجد الوارث، يعني: الذي يرث، وهكذا عندهم الأخت الشقيقة، والأخت لأب، إنما إذا أطلق هذا اللفظ حينئذٍ ينصرف إلى من يرث، وأما من لا يرث وهذا لا إشكال فيه أنه لا يشمله الإطلاق، (وَالْجَدُّ) عند الإطلاق لا ينصرف إلا للوارث (وَالْجَدُّ) هو أبُ الأب قال: (مِثْلُ الأَبِ) هنا تشبيه، الجد مثل الأب، يعني يستحق السدس مثل الأب بشرط الولد، (عِنْدَ فَقْدِهِ) عند فقد الأب هذا شرط ثاني، كأنه قال لك: الجد يستحق السدس بشرطين:

الشرط الأول: وجود الفرع الوارث كالأب لأنه مقيس عليه.

الشرط الثاني: عدم الأب لأنه أدلى بالأب.

<<  <  ج: ص:  >  >>