للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَالسُّدْسُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةْ) إن تساوى نسب الجدات ما الحكم؟ كلهن يأخذن السدس، يقتسمن السدس بالسوية، يعني يشتركن الثنتان فأكثر في ماذا؟ في السدس، ليس لكل واحدة سدس {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١١] لا، هنا الكل يجتمع في السدس، ففرض المجموع أو الجميع السدس يقتسمن بينهن بالسوية، يعني إذا كان عندنا السدس، وعندنا جدتان حينئذٍ ينتصف السدس بينهن، نصف السدس ونصف السدس. (فَالسُّدْسُ) الفاء واقعة في جواب الشرط (فَالسُّدْسُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةْ) يعني بالاستواء في القسمة العادلة الشرعية حال كون ذلك ثابتًا (في الْقِسْمَةِ)، (في الْقِسْمَةِ) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال، حال كون ذلك أي التسوية بينهن في السدس ثابتًا في القسمة العادلة، هذا لا شك أنها قسمة عادلة، لأن مدلول النصوص هو هذا الذي ذكره الناظم، العادلة أي غير الجائرة، إذ العدل الإنصاف وهو إعطاء المرء ما له يعني الذي له، وأخذ ما عليه، ولا شك أنها قسمة عادلة وهي مأخوذة من الشرع، ولذلك قال: (الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ الشَّرْعِيَّةْ). يعني المنسوبة إلى الشرع.

إذًا بين الناظم في هذا البيت أو هذين البيتين الحالة لأولى للجدات، وهن أو] هي إذا اجتمع الجدات اثنتان فأكثر فإن كن متساويات حينئذٍ اشتركن في السدس ولذلك قوله هنا: (في الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ الشَّرْعِيَّةْ). في بعض النسخ (المرضية) يعني التي ارتضاها الفرضيون، أما إذا كنَّ غير متساويات في الدرجة فإن الجدة القربى تسقط الجدة البعدى، إذا لم يكن متساويات في الدرجة فإن الجدة القربى تسقط الجدة البعدى سواءٌ كانت من جهة الأم أو من جهة الأب خلافًا للمالكية والشافعية، هذا عندنا معاشر الحنابلة، فالقربى عندهم من جهة الأم تسقط البعدى من جهة الأب إلى العكس، وهذا سيأتي بيانه.

الدليل على التساوي ما روى الحاكم على شرط الشيخين أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى للجدتين في الميراث بالسدس، وقيس الأكثر منهما عليهما، بل ثبت بالنص توريث ثلاث جدات وفي مراسيل أبي داوود أنه - صلى الله عليه وسلم - ورث ثلاث جدات، أي وهن [أم الأم] أم أم الأم، وأم أم الأب، وأم أبي الأب كما فسرهن الراوي، وذلك ما سيأتي تقديره لأن المذهب عند الحنابلة لا يرث إلا ثلاث جدات فقط. إذًا هذه الحالة الأولى.

ثم ذكر حكم ما إذا كان إحداهما أقرب من الأخرى، وهما من جهتين، وأما إذا كانت من جهة واحدة فسيذكره فيما يأتي:

وَتَسْقُطُ الْبُعْدَى بِذَاتِ الْقُرْبِ ... في الْمَذْهَبِ الأَوْلَى فَقُلْ لِي حَسْبِي

يعني لم يذكر ما ذكره هنا أولاً بأنه إذا تساوى نسب الجدات من جهة واحدة، طيب إذا كانت إحداهما قربى والأخرى بعدى، لا شك أن القربى تسقط البُعدى، لكنه أخرَّه في آخر النظم وشرع فيما يتعلق باجتماع الجدتين إذا كن من جهتين ونحو ذلك. فقال رحمه الله:

وَإِنْ تَكُنْ قُرْبَى لأُمٍّ حَجَبَتْ ... أَمَّ أَبٍ بُعْدَى وَسُدْسًا سَلَبَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>