للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَقَد تَّنَاهَتْ) قد للتحقيق (تَّنَاهَتْ) تفاعل هنا ليس على بابه كما أشار الشارح إلى ذلك بقوله: أي انتهت، (تَّنَاهَتْ) يعني بلغت الغاية في النهاية ليس هذا المراد، وإنما المراد أنها انتهت (وَقَد تَّنَاهَتْ قِسْمَةُ الْفُرُوضِ) أي ما يؤخذ منه قسمة الفروض. فالذي انتهى بيان الفروض ومستحقيها لا قسمة الفروض، قسمة الفروض هذا يكون عمليًّا وإنما بيان الفروض وبيان مستحقي الفروض هو الذي انتهى، فمراده (قِسْمَةُ الْفُرُوضِ) أي ما يؤخذ منه (قِسْمَةُ الْفُرُوضِ) وهو معرفة من يرث ومن لا يرث، ومعرفة الفروض وأصحابها ... إلى آخره هذا الذي يكون أصلاً، ثم بعد ذلك تقسم، هذا كم له وهذا كم له؟

إذًا (قِسْمَةُ الْفُرُوضِ) أي ما يؤخذ منه (قِسْمَةُ الْفُرُوضِ) حال كونها (مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ) يعني من غير التباس، يقال: أشكل الأمر التبس، (وَلاَ غُمُوضِ) هذا لازم لما قبله غمض الشيء والكلام غموضًا خَفِيَ يعني من غير التباس ومن غير خفاء (وَقَد تَّنَاهَتْ قِسْمَةُ الْفُرُوضِ) أي: انتهت (مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ وَلاَ غُمُوضِ)، وهو كذلك لأن الرحبية من المنظومات الواضحة البيّنة التي لا تحتاج إلى كثرة كلام.

مَن يرث من الجدات عند الحنابلة ثلاثة فقط:

- الأولى: أم الأم وإن علت بمحض الإناث، وقلنا: هذا مجمع على توريثها.

- الثانية: أم الأب كذلك يعني وإن علت بمحض الإناث، وهذه مجمع على توريثها.

- الثالثة: أم أبي الأب.

عند الحنابلة غير هذه الثلاثة لا ترث فقط، وهذا هو ظاهر السنة، أن غير هذه الثلاثة لا يرثن البتة، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، أما أم أبي أم فإنها من ذوي الأرحام، وكذا كل جدة تُدلي بغير وارث إجماعًا لا ترث، وأما أم أبي أم فإنها من ذوي الأرحام، والخلاف في ذوي الأرحام هذا معلوم، ولا خلاف بين العلماء في توريث أم الأم، وأم الأب، وإنما الخلاف في الثالث فقط وهي أم أبي الأب والصحيح أنها ترث، ودليل الحصر في الثلاثة لماذا حصرنَّ في ثلاثة ما رواه سعيدٌ في سننه عن ابن عيينة عن منصور عن إبراهيم النخعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورّث ثلاث جدّات.

قول ثلاث يدل على ماذا؟ على الحصر.

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورّث ثلاث جدات، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، أم الأم هذه واحدة، أم الأب وأم أبي الأب ثنتين من قبل الأب، وأخرجه [أبو عبيد، والدارقطني] (١) قال في الإرواء: وإسناده صحيح مرسل. وأخرجه البيهقي والمرسل مختلف فيه، لكن عند كثير من الأوائل السلف أنه معمول به قبل وجود فتنة الكذب ونحو ذلك، لكن يؤيده الإجماع الآتي.


(١) هكذا في الإرواء (٦/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>