العصبة بالنفس تعدادهم أولى من التعريف، وإنما نعددهم نقول: هو الابن، وابنه .. إلى آخره، ثم نقول: وأحكام العاصب بالنفس ثلاثًا. وهذا أولى ما يقال في هذا المقام، لأن كما ذكرنا المقام مقام بيان أحكام الشرعية، وأما التعريف وما ينتقد به من التعريفات السابقة فهذا شأنه الطرح، العصبة بالنفس مَنْ هُم؟
هم المجمع على إرثهم من الرجال إلا الزوج والأخ من الأم، الزوج صاحب فرض، والأخ من الأم صاحب فرض. إذًا لا يكون الزوج معصبًا، ولا يكون الأخ من الأم معصبًا. إذًا من عداهم قد يكون صاحب فرض ويكون معصبًا، وقد لا يكون إلا معصبًا، وقد سبق معنا أقسام الورثة باعتبار التعصيب وعدمه، قلنا: أربعة:
- منهم من قد ينفرد بالفرض ولا يكون معصبًا.
- ومنهم من يكون معصبًا دون فرض.
- ومنهم من يكون تارة يرث بالفرض وتارة بالتعصيب ويجمع بينهما، كالأب والجد، وتارة لا يجمع بينهما، فالأقسام حينئذٍ تكون أربعة، خرج الزوج والأخ من الأم بقي ماذا؟ بقي ثلاثة عشر، أليس كذلك؟
وَالْوَارِثُوْنَ مِنَ الرِّجَالِ عَشَرَةْ ... أَسْمَاؤُهُمْ مَعْرُوفَةٌ مُشْتَهِرَةْ
قلنا: أسماؤهم عشرة بالإجمال، وخمسة عشر بالبسط، أخرج الزوج والأخ للأم، بقي ثلاثة عشر وهم: الابن: وابن الابن وإن نزلا، والأب، والجد من قبل الأب وإن علا والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق وإن نزل، وابن الأخ لأب وإن نزل، والعم الشقيق، والعم لأب وإن علو، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب وإن نزل، وذو الولاء. فجملة الذكور هؤلاء.
أحكام العصبة بالنفس ثلاثة:
الأول: على ما ذكرناه سابقًا، أن من انفرد منهم حاز جميع المال لقوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦]. فورَّث في هذه الآية الأخ جمع مال الأخت {وَهُوَ} أي الأخ {يَرِثُهَا} يعني الأخت ورثه كل المال، {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} والابن وابنه والأب والجد أولى من الأخ لقربهم، وقيس عليه بنو الأخوة والأعمام وبنوهم والموالي بجامع التعصيب.
- على كلٍّ هؤلاء الثلاثة عشر مجمع على أنهم معصبون بالنفس، والحديث السابق «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر». قال فلأقرب رجل، فالمراد بالأولى الأقرب، والتقييد بالرجل للأغلب وإلا فالمعتقة عصبة، وقوله: «ذكر». بدل من رجل، وفائدته أن الرجل يطلق في مقابلة المرأة وفي مقابلة الصبي، قيل «ذكر». إشارة إلى أنه في مقابلة المرأة فالمراد به الذكر لا البالغ، إذًا «رجل». ليس له مفهوم فهو مبين للمراد، وظاهر الحديث اشتراط الذكورة في العصبة المستحقة للباقي يعني قوله: «فهو لأولى رجل ذكر». والمرأة نقول: ليست بداخلة. والصواب أنه لا مفهوم له، قيل كما أجاب البيجوري هناك: أن عموم هذا المفهوم مخصوص بالنص والإجماع الدالين على أن العصبة بالغير ومع الغير تستحق الباقي، فحينئذٍ لا يكون خاصًا بالمعتٍق كما ذكرت بل داخل فيه العصبة بالغير والعصبة مع الغير.
الحكم الثالث: أنه إذا استغرق الفروض يعني أصحاب الفروض التركة سقط إلا الأخوة الأشقاء في الْمُشَرَّكة وإلا الأخت الواحدة لغير أم في الأكدرية.
شرع الناظم في عدّهم ولكن لم يستوف ما ذكر لأنه أراد التمثيل، قال: