الحالة الأولى: أن يكون الغالب عليه السلامة، يعني سافر سفرًا ليس مَظِنّةً للموت والهلاك، هذا الضابط فيه أن يكون ليس مظنةً للموت والهلاك، سافر للسياحة وفُقِد، والسفر السياحة هذا لا يعتبر مظنةً للهلاك، سافر لتجارةٍ، سافر لطلب علم، سافر لزيارة أقارب صلة أرحام كل هذه الأنواع والأسباب ليست مظنة للهلاك والموت، حينئذٍ نقول: هذا تغلب عليه السلامة، أن يكون الغالب عليه السلامة فيُضْرَبُ له أجلٌ قدره تسعون سنة منذ ولد قطعًا للشك. قالوا هنا، المذهب عندنا الحنابلة: يُضْرَبُ له أجل قدره تسعون سنة. يعني: ينتظر، ينتظره القاضي تسعين سنة منذ فُقِدَ، يعني: فقد في عام ألف وأربع مائة. عام ألف وأربع مائة وتسعين يكون ماذا؟ يكون توزيع التركة.
الحالة الثانية: أن يكون الغالب عليه عدم السلام، الهلاك، كمن سافر لجهادٍ ونحوها، هذا يغلب عليه عدم السلامة، فيضرب له أجلٌ قَدْرُهُ أربع سنوات من حين فقده، هذا على المذهب عند الحنابلة، إذًا فرَّقوا بين الحالين.
- إن غلبت عليه السلامة ضرب له أجل قدره تسعون سنة.
- وإن لم تغلب عليه السلامة ضرب له أجل قدره أربع سنين.
ثم إذا انقضت مدة الانتظار في الحالتين: تسعين، وأربع سنين، قسم ماله إن كان مورثًا على ورثته الموجودين في وقت الحكم بموته، دون الذين ماتوا قبل ذلك - يعني: منذ أن يحكم القاضي بموته الورثة الذين يوجدون ساعة الحكم هم الذين يرثون، وأما من مات قبل ذلك الحكم ولو بساعة لا يعتبر وارثًا من الورثة، والصحيح في المسألتين أن الرجوع في تقديره، أن المسألتين من اجتهاد الحاكم، لا تسعين ولا أربعة سنين، لأن هذا يحتاج إلى نص، لأنه سينبني عليه أحكام يعني: زوجته تبين منه وتتزوج هذه بقيت تسعين سنة تتزوج الأولاد التركة .. إلى آخره ينبني عليه المسائل، حينئذٍ لا بد من حكمٍ شرعي، لا بد من نظرٍ شرعي، ولم يرد تحديد التسعين ولا مائة وعشرين كما قاله بعض ولا أربع سنين، حينئذٍ نرده إلى غلبة الظن فيحكم به القاضي، فنقول: الصحيح في المسألتين أن الرجوع في تقديرها المدة إلى اجتهاد الحاكم، يستوي ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن، فيقدر القاضي مدة للبحث فيُبْحَثُ عنه إذا ما وجد حكموا بموته، فيقدر مدةً للبحث عنه حيث يغلب على الظن تبين حياته لو كان موجودًا، ثم يحكم بموته بعد انتهائه.