ولم يكن في ملكي - يقول- سوى ثلاثة أرباع درهم ووجدت على مقربة منها فرسا قد عطب ورمي به وكان سمينا وكانت تلك الجهة خالية من الناس فسلخت منه فخذه وأخذت لحمه ودخلت به إلى فندوق في بيت منه واشتريت بثلاثة أرباع الدرهم ما احتجت إليه من فخار وإبراز وعملت منه ألوانا ودخلت بها إلى السوق وبعتها وعدت إلى الفرس وأخذت لحم الفخذ الثاني وصنعت به في اليوم الثاني ما فعلت باليوم الأول وفي اليوم الثالث كذلك واجتمع لي من ذلك ثلاثة دنانير فاتخذتها رأس مال فيما كنت أعمله من غير ذلك الشغل.
ولقد أتيت مرات بجلود كلاب ورؤوسها ووجدت قد أخذ لحمها واتهم بذلك بعض الطباخين فمرة ظهر الفاعل ومرة خفي، وإذا جعل لحم الكلب للهر تنمر وانقبض ولم يقربه.
وأما عملة المرقاس فيؤخذون بعمله في موضع ظاهر على ما تقدم ونجارة الأعواد التي يقطعون اللحم عليها وتمليسها لئلا يخرج العود في اللحم المدروس وبكثرة التقطيع في المهراز أو بقضيب الحديد حتى يختلط أجزاؤه ويوضع فيه من الشحم قدر الثلث ويمكن إبرازه ولا يخلي من الكمون والثوم، وكذلك يفعل بالأحرش وإنما وضع المصران في المرقاس ليحفظ رطوبة الشحم على اللحم ويكون أيضا نوعا على حدة، وبعد أن يشاهد الثقة الذي يعرف عليهم اللحم وتقطيعه وخلط الشحم والإبراز فيه وحشوه في المصران وقدر الماء الذي يسقيه له مع الخل والمري.
وأما عملة الإسفنج والهرائس والمجبنات المقلوة فمفسدوهم أكثر الناس خديعة في الميزان، وقد قيل لبعضهم: أخوك مطبوع في الخدع بالميزان فقال