في ذلك فقيل إنما كان لما يتخوف من عجز الضعيف عن الوصول إليه، وإن عاقه عائق عن الخروج منها من مرض أو غيره فليفتح بابه ولا يمنع أحدا منه، ودعا أحد الملوك علي بن عبد الرحمن التميمي إلى شرطة الكوفة، فقال: لا أقبلها إلا أن تكفيني أهلك وأولادك، فقال: يا غلام ناد فيهم: من طلب إليه منهم حاجة فقد برئت منه الذمة، فقال الشعبي: فما رأيت صاحب شرطة أهيب منه ولقد كان يمر عليه الشهر وأزيد منه فلا يرتفع إليه خصمان لفرط مهابته.
وجعلت كتابي هذا مقسما على ثمانية أبواب ليقرب النظر فيه ويسهل فهمه على مستعمليه إن شاء الله تعالى وبه أستعين وهو حسبي ونعم الوكيل.
الباب الأول
في مقدمات الحسبة وشأن المحتسب
قال الله تبارك وتعالى:(كنت خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وقال عز وجل: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان)، وقال عز من قائل:(وأحل الله البيع وحرم الربا)، وقال عز وجل:(ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم) وقال عز وجل: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا.