فليس مني، ولعن صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء، وقال صلى الله عليه وسلم: إن الربى وإن كثر فإنه يرجع إلى قل، وقال صلى الله عليه وسلم: ما نقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، وقال صلى الله عليه وسلم: رحمه الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى، وقال الناس: يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا، فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال، وقال: بيع المحفلات خلابة ولا تحل خلابة مسلم، ومر عم رضي الله عنه على حاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا في السوق فقال له: إما أن تزيد في السعر وإما أن تخرج من سوقنا، وقال رضي الله عنه: من جلب طعاما على عمود ظهره فذلك ضيف عمر يبيعه كيف يشاء ويذهب به حيث شاء، وتمنع الحكرة إذا ضرت بالناس وكانوا بحال ضيق وشدة، ومن احتكر طعاما في حين الرخاء وحدث غلاء السعر فهل يجبر على إخراجه للناس أم لا، وجهان يأخذ بأيهما شاء من يجب له النظر في ذلك وكذلك يأمر في وقت الشدة بإخراج الأطعمة إلى السوق وتباع فيها ولا تباع في الدور لما في ذلك من تقوية النفوس.
ويجب أن يكون من ولي النظر في الحسبة فقيها في الدين قائما مع الحق نزيه النفس عالي الهمة معلوم العدالة ذا أناة وحلم، وتيقظ وفهم، عارفا بجزئيات الأمور، وسياسيات الجمهور، لا يستنفره طمع ولا تلحقه هوادة ولا تأخذه في الله لومة لائم مع مهابة تمنع من الإدلال عليه وترهب الجاني لديه، فقد روي عن علي رضي الله عنه أنه أقام الحد على رجل فقال: قتلتني يا أمير المؤمنين، فقال له: الحق قتلك، قال فارحمني، قال الذي أوجب عليك الحد أرحم بك مني، ومن شأنه ألا يثرب في شيء إلا بعد أن ينهى عنه ويتقدم فيه ولا ينكر