فانظر في هذا الشهر الكريم ـ والحالة هذه ـ كيف يلعبون فيه ويرقصون ولا يبكون ولا يحزنون، ولو فعلوا ذلك لكان أقرب إلى الحال، مع أنهم لو فعلوا ذلك والتزموه لكان أيضًا بدعة، وإن كان الحزن عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - واجبًا على كل مسلم دائمًا لكن لا يكون على سبيل الاجتماع لذلك والتباكي وإظهار التحزن بل ذلك ـ أعني: الحزن ـ في القلوب، فإن دمعت العين فيا حبذا وإلا فلا حرج إذا كان القلب عامرًا بالحزن والتأسف، إذ هو المقصود بذلك كله، وإنما وقع الذكر لهذا الفصل؛ لكونهم فعلوا الطرب الذي للنفوس فيه راحة وهو اللعب والرقص والدف والشبابة وغير ذلك مما تقدم بخلاف البكاء والحزن إذ أنه ليس للنفس فيه راحة، بل الكمد وحبس النفوس عن شهواتها وملاذها.
ولو قال قائل:
أنا أعمل المولد للفرح والسرور لولادته - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم أعمل يومًا آخر للمآتم والحزن والبكاء عليه.
فالجواب: أنه قد تقدم أن من عمل طعامًا بنية المولد ليس إلا، وجمع له الإخوان، فإن ذلك بدعة، هذا وهو فعل واحد ظاهره البر والتقرب ليس إلا، فكيف بهذا الذي جمع بدعًا جملة في