للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعروف ومراتب المنكر حتى تقدم أهمها عند المزاحمة، فإن هذا حقيقة العمل بما جاءت به الرسل.

فإن التمييز بين جنس المعروف وجنس المنكر وجنس الدليل وغير الدليل يتيسر كثيرًا، فأما مراتب المعروف والمنكر ومراتب الدليل بحيث تُقّدَّم عند التزاحم أعْرَفَ المعروفَيْن فتدعو إليه، وتنكر أَنْكَرَ المنكرَيْن، وترجح أقوى الدليلين فإنه هو خاصة العلماء بهذا الدين، فالمراتب ثلاث:

أحدها: العمل الصالح المشروع الذي لا كراهة فيه.

والثانية: العمل الصالح من بعض وجوهه أو أكثرها إما لحسن القصد أو لاشتماله مع ذلك على أنواع من المشروع.

الثالثة: ما ليس فيه صلاح أصلًا إما لكونه تركًا للعمل مطلقًا أو لكونه عملًا فاسدًا محضًا.

فأما الأول فهو سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - باطنُها وظاهرُها، قولها وعملها، في الأمور العلمية والعملية مطلقًا، فهذا هو الذي يجب تَعَلّمُه وتعليمه والأمر به وفعله على حسب مقتضى الشريعة من إيجاب واستحباب.

والغالب على هذا الضرب (١) هو أعمال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.

وأما المرتبة الثانية فهي كثيرة جدًا في طرق المتأخرين من المنتسبين إلى علم أو عبادة ومن العامة أيضًا، وهؤلاء خيرٌ ممَّنْ لا يعمل عملًا صالحًا مشروعًا ولا غير مشروع، أو من يكون عمله من جنس المحرم كالكفر والكذب والخيانة والجهل ويندرج في هذا أنواع كثيرة.

فمن تعبَّدَ ببعض هذه العبادات المشتملة على نوع من الكراهة كالوصال في الصيام وترك جنس الشهوات ونحو ذلك، أو قصد إحياء ليال لا خصوص لها كأول ليلة من رجب ونحو ذلك، قد يكون حاله خيرًا من حال البطال الذي ليس فيه حرصٌ على عبادة الله وطاعته.

النوع الثالث: ما هو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء ويوم عرفة ويومي العيدين والعشر الأواخر من شهر رمضان والعشر الأول من ذي الحجة وليلة الجمعة ويومها والعشر الأول من المحرم ونحو ذلك من الأوقات الفاضلة.


(١) الضرب: النوع.

<<  <   >  >>