للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَولِهَ تَعالَى: {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ} بِدَليلِ قراءة يَزِيدَ بنِ قُطَيْبٍ: (أُظْلِمَ) مَجْهُولاً، وتَبِعَه البَيْضَاوِيُّ (١)، وفي بَحْرِ أبِي حَيَّان (٢). المَحْفُوظُ أَنَّ أَظْلَمَ لا يَتَعَدَّى، وَجَعَلَه الزَّمخشَرِيُّ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ، قالَ شَيْخُنا (٣): ولم يَتَعَرَّضْ ابنُ جِنِّي لِتِلْكَ القِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ، وجَزَمَ ابنُ الصَّلاحِ بِورُودِهِ لازِمًا ومُتَعَدِّيًا، وكأَنّه قَلَّدَ الزَّمَخْشَرِيَّ في ذلك، وأبو حَيَّانَ أعرفُ باللُّزُومِ والتَّعَدِّي. قُلتُ: وهذا الذي جَزَم به ابنُ الصَّلاح قد صَرَّحَ به الأزهَرِيُّ في التَّهْذِيب".

قال السمين: "وقرئ "أُظْلِمَ" مبنياً للمفعول، وجَعَلَهُ الزمخشريُّ دالاَّ على أنَّ أَظْلَمَ متعدٍ ... ولا دليلَ في الآيةِ لاحتمالِ أن أصلَه: وإذا أَظْلم الليلُ عليهم، فلمَّا بُنِي للمفعولِ حُذِف "الليل" وقام "عليهم" مَقَامَه" (٤).

(يُطَوَّقُونَهُ) (٥): قراءة في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةُ} (٦).

[التاج: طوق].

ذكر الزبيدي في هذه المادة قراءتين جاءتا بالبناء على المفعول هما: "يُطَوَّقُونَهُ" "يُطَيَّقُونَهُ"، القراء الأولى بواو بعد الطاء، والثانية بياء، وقد نقل الزبيدي هاتين القراءتين عن ابن جِنّي حيث قال: "وقُرِئَ شاذّاً "يُطَوَّقُونَهُ" ... أي يُجْعَلُ كالطّوْقِ في أعْناقِهم، ووزنه (يُفَعَّلُونَهُ)، وهو كقولك: يُجَشَّمُونَهُ ويُكلَّفُونَهُ. و"يُطَيَّقُونَهُ" وهي قِراءَةُ ابنِ عبّاس بخِلاف. أصلُه (يُطَيْوَقونَه) قُلِبت الواوُ ياءً كما قُلِبت في سَيّد ومَيّت، وقد يجوزُ أن يكونَ القَلْب على الُمعاقَبة، كتهوّر وتهَيَّر،


(١) أنوار التنزيل وأسرار التأويل:١/ ٤١.
(٢) ١/ ١٥٠.
(٣) ترجم الزبيدي لشيخه فقال: " وشَيْخُنَا المرحُومُ أَبُو عَبْدِ الله مُحَمَّد بْن الطَّيِّب بْنِ مُحَمَّد بْنِ مُوسَى الفَاسِيّ صَاحِبُ الحَاشِيَةِ عَلَى هَذَا الكتَابِ إِمَام اللُّغَةِ والحَديث، وُلِدَ بِفَاس سنة ١١١٠ هـ وسَمِعَ الكَثِيرَ عَنْ شُيُوخ المَغْرِبِ والمَشْرِق، وَمَاتَ بالمدينة المنوّرة سنة: ١١٧٠هـ رَحمَهُ اللهُ تَعَالى وَأَرْضَاهُ ". (تاج العروس من جواهر القاموس مادة: طيب). وفي الغالب الأعم عندما يقول الزبيدي: قال شيخنا، فإنما يقصد ابن الطيب، وقد ذكر الزبيدي (قال شيخنا) في التاج ٣٥٥١ مرة.
(٤) الدر المصون: ١/ ١٣٣.
(٥) هي قراءة ابن عباس وعائشة (رضي الله عنهما) وسعيد بن المسيب وطاوس وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وأيوب السختياني وعطاء، انظر: الكشاف: ١/ ٢٥٢، والمحتسب لابن جني: ١/ ١١٨، والمحرر الوجيز: ١/ ٢٠٠، والتحرير والتنوير لابن عاشور: ٢/ ١٤١.
(٦) البقرة: ١٨٤.

<<  <   >  >>