للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

التماثل الصوتي الناقص (الإبدال)

الإبدال عند اللغويين " إِقَامَةُ حَرْفٍ مَكَانَ حَرْفٍ مَعَ الإِبْقَاءِ على سَائِرِ حُرُوفِ الكلمةِ" (١). والإبدال الذي يتناوله هذا المبحث، هو الإبدال الذي يشترط لكي تعد الكلمتان من بابه أن تكون بين الصوتين علاقة تدعو إلى إحلال أحدهما محل الآخر.

قال أبو سعيد السيرافي: " إنما يُعْلَمُ ما تَنَاسَبَ من الحروف باللغة أن يُبْدَلَ حرفٌ من أخيه ويكون معه في قافية واحدة، مثل: مَدَحَ ومَدَهَ، والنون والميم في قافية والعين والهمزة، مثل: استأديت واستعديت، وهذا كثير، يُبْدَلُ الحرف من أخيه فَيُدْغَمُ فيه إذا قَرُبَ ذلك القُرْبِ" (٢).

ويقول الأستاذ الدكتور: عبد الصبور شاهين كأنه يشرح مقولة الفراء: "الصوتان المُبْدَلُ أحدُهما من الآخر لا يمكن إلا أن يكونا على علاقة مخرجية ووصفية وفي ضوء هذه العلاقة نستطيع أن نضع تعليلا لما لدينا من أمثلة حدث فيها إبدال فإذا انتفت فَثَمَّةَ مجالٌ للقول بالإبدال بل يكون كل منهما أصل لغوي بذاته فمثال ما كانت بين الصوتين فيه علاقة مخرجية ما روته المعاجم من أن: "كل جريء سَبَنْدَى وسَبَنْتَى"، فبين الدال والتاء وَحْدَةٌ في المخرج، واتفاق في صفة الشِّدَةِ واختلاف بالجَهْرِ والهَمْسِ، وهذه العلاقة تسمح بانتقال أحد الصوتين إلى الآخر على ألسنة الناطقين باللغة. كما ينبغي الإشارة إلى ضرورة اتحاد المعنى بين اللفظين المُبْدَلَيْنِ اتحاداً كاملاً؛ لأن اختلافه يدل على انعدام الصلة بينهما غالبا، وعلى استقلال كل منهما بوضعه" (٣).

وعندما تحدث ابن جني عن الحرفين المتقاربين يستعمل أحدهما مكان صاحبه اشترط أن يؤول أحد اللفظين على الآخر عند التصرف، نحو: فلان


(١) أبو الطيب اللغوي: الإبدال: ٩.
(٢) شرح كتاب سيبويه: ٣/ ١٩٣.
(٣) أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي: ٢٦٩.

<<  <   >  >>