للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

التماثل الصوتي في الضم

يتناول هذا المبحث أيضا ما حدث للقراءة القرآنية من تماثل في الضم، وسوف يسرد هذه القراءات الواردة في التاج مدعومة بأقوال المفسرين واللغويين وذلك على النحو التالي:

(مُرُدِّفِينَ) (١): قراءة في قوله تعالى: {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (٢). [التاج: ردف].

قال الزبيدي: " قال الخليلُ: سَمِعْتُ رجلاً بمكَّةَ يَزْعُم أَنَّهُ مِن القُرَّاءِ، وهو يَقْرَأُ: مُرُدِّفِينَ، بضَمِّ المِيمِ والرًّاءِ وكَسْرِ الدَّالِ وتَشْدِيدِها ... أَصْلُهَا: مُرْتَدِفِينَ، لكنْ بعدَ الإِدْغَامِ حُرِّكتِ الرَّاءُ بحَرَكةِ المِيمِ ".

وهذا معناه أن في هذه القراءة تأثيرًا مقبلاً (تقدميًا) حيث تأثرت الراء الساكنة بحركة الميم قبلها فماثلتها في الضم (٣).

(يُخُصِّفانِ) (٤): قراءة في قوله تعالى: {يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ} (٥) [التاج: خصف].

وهي قراءة عبد الله بن يزيد، بضم الياء والخاء وكسر الصاد مشددة، وهي مِنْ (خَصَّفَ، يُخَصِّفُ) بالتشديد، فالفعل رباعي مضموم الياء في المضارع، والأصل أن تكون حركة الخاء الفتح، إلا أننا نجد أن الخاء تابعت الياء قبلها في الضم، وهي قراءة عَسِرةُ النطق، ويدل على أن أصلها مِنْ (خَصَّف) بالتشديد قراءةُ بعضهم "يُخَصِّفَانِ" كذلك إلا أنه بفتح الخاء على أصلها (٦). ويعد التأثير هنا تقدميا حيث تأثرت حركة الخاء بحركة الياء قبلها.


(١) هي رواية الخليل بن أحمد، انظر: الدر المصون: ٧/ ٣٥٦، ومعجم القراءات لمختار: ٢/ ٢٥٥، ومعجم القراءات للخطيب: ٣/ ٢٦٥.
(٢) الأنفال: ٩.
(٣) وانظر هذه الوجوه أيضا في: الكتاب لسيبويه: ٤/ ٤٤٤، إعراب القرآن للنحاس: ٢/ ١٧٨، وإعراب القرآن للزجاج: ١/ ٢٢٢، والدر المصون للسمين: ٧/ ٣٥٧.
(٤) قراءة عبد الله بن يزيد، انظر: الدر المصون: ٧/ ١٠٢.
(٥) الأعراف: ٢٢.
(٦) انظر الدر المصون: ٧/ ١٠٢.

<<  <   >  >>