للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويخلص مما سبق إلى أن "رِبِّيُّونَ" جمع مذكر سالم، وفي مفرده وجهان: أحدهما: أنه "رِبِّيّ" وهو منسوب إلى "رُِبَّةٍ"، وفيه لغتان: كسر الراء وضمها، ويقصد بها الجماعة من الناس.

والآخر: أنه "رَبِّيَ"، وهو منسوب إلى "رَبٍّ" بفتح الراء على القياس، ويقصد به العلماء. وذهب بعض المفسرين إلى أن اللغتين اللتين في الوجه الأول تعودان إلى الوجه الثاني، وكسر الراء وضمها جاء على تغيير النسب (١). قال ابن عطية: "وروي عن ابن عباس وعن الحسن بن أبي الحسن وغيرهما أنهم قالوا "ربيون" معناه علماء، وقال الحسن: فقهاء علماء، قال أيضا: علماء صبر، وهذا القول هو على النسبة إلى الرب، إما لأنهم مطيعون له أو من حيث هم علماء بما شرع، ويقوي هذا القول في قراءة من قرأ "ربيون" بفتح الراء، وأما في ضم الراء وكسرها فيجيء على تغيير النسب، كما قالوا في النسبة إلى الحرم حِرْمِيّ بكسر الحاء، وإلى البصرة بِصْرِيّ بكسر الباء، وفي هذا نظر وقال ابن زيد: الربانيون الولاة والربيون الرعية الأتباع للولاة" (٢).

(المُعْذِرُونَ) (٣) قراءة في قوله تعالى: {وجَاءَ المُعَذِّرُونَ منَ الأَعْرَابِ ليُؤْذَنَ لَهُم} (٤).

اختلفت القراءة في "المُعَذِّرُونَ" من الآية السابقة من حيث أصل الكلمة وصياغتها وقد عرض الزبيدي هذا الاختلاف كما يلي:

١ - أن يكون أصل (المُعَذِّرُونَ) "المُعْتَذِرُونَ: الذينَ لَهُم عُذْرٌ، به قرأَ سائِرُ قراءِ الأَمْصَارِ والمُعَذِّرُونَ في الأَصْلِ المُعْتَذِرُونَ فأَدْغِمَت التاءُ في الذّال لقُرْبِ المَخْرجَيْنِ.

٢ - ويجوزُ أَن يكون "المُعَذِّرُونَ" الذين يُعَذِّرُون: يوُهِمُون أَن لهم عُذْراً ولا عُذْرَ لهم. فهو اسم فاعل من (عَذَّرَ) مضعف العين، والمَعْنى: المُقَصِّرُونَ بغير عُذْرٍ فهو على جِهَة المُفَعِّل؛ لأَنّه المُمَرِّضُ والمُقَصِّرُ يَعْتَذِرُ بغير عَذْرٍ.


(١) انظر المسألة في: الكشاف للزمخشري: ١/ ٤٢٤، وجامع الأحكام للقرطبي: ٧/ ٢٦٥، ومفاتيح الغيب للرازي: ٩/ ٥٢١.
(٢) المحرر الوجيز: ١/ ٥٢١.
(٣) قراءة حمزة وابن ذكوان والكسائي وعاصم والشنبوذي، وابن عباس، وزيد بن علي والأعرج، وقتيبة وشعبة، انظر: الحجة لابن زنجلة: ١/ ٣٢١، والإتحاف:٤٣٠، والنشر: ٢/ ٣١٥، ومعجم القراءات لمختار: ٢/ ٣١١.
(٤) التوبة: ٩٠.

<<  <   >  >>