للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكسرِ النون {مُطْلِعُونِ فأُطْلِعَ} (١) كما مرَّ. قلتُ: وهي روايةُ حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ عن أبي عمروٍ.

قال الأَزْهَرِيّ: وهي شاذَّةٌ عند النَّحْوِيِّين أَجْمَعين، ووَجْهُه ضعيفٌ، وَوَجْهُ الكلامِ على هذا المعنى: هل أنتم مُطْلِعِيَّ، وهل أنتم مُطْلِعوه بلا نونٍ كقولِك: هل أنتم آمِروه وآمِريَّ. وأمّا قولُ الشاعر (٢):

همُ القائِلونَ الخَيرَ والآمِرونَه ... إذا ما خَشُوا من مُحْدَثِ الأمرِ مُعْظَما

فَوَجْهُ الكلامِ: والآمِرونَ به، وهذا من شَواذِّ اللُّغَات. ... [التاج: طلع].

وقال الفراء:" وقد قرأ بعض القرّاء "مُطْلِعُونِ فَأُطْلِعَ" فكسر النون. وهو شاذّ؛ لأنّ العرب لا تختار على الإضافة إذا أسندوا فاعلا مجموعا أو موحّدا إلى اسم مكنّى عنه. فمن ذلك أن يقولوا: أنت ضاربي. ويقولون للاثنين: أنتما ضارباي، وللجميع: أنتم ضاربيّ، ولا يقولوا للاثنين: أنتما ضاربانني ولا للجميع: ضاربونني. وإنّما تكون هذه النون في فَعَلَ ويَفْعِلُ، مثل (ضربوني ويضربني وضربني). وربما غلط الشاعر فيذهب إلى المعنى، فيقول: أنت ضاربني، يتوهّم أنه أراد: هل تضربني، فيكون ذلك على غير صحّة ... وإنما اختاروا الإضافة في الاسم المكنى؛ لأنّه يختلط بما قبله. فيصير الحرفان كالحرف الواحد. فلذلك استحبّوا الإضافة في المكنى، وقالوا: هما ضاربان زيدا، وضاربا زيد لأن زيدا في ظهوره لا يختلط بما قبله؛ لأنه ليس بحرف واحد والمكنى حرف" (٣).

وقال السمين: " وقرأ العامَّةُ "مُطَّلِعُوْنَ" بتشديد الطاءِ مفتوحةً وبفتح النونِ ... و"مُطْلَعُوْنَ" على هذه القراءةِ يحتمل أَنْ يكونَ قاصراً أي: مُقْبِلون مَنْ قولِك: أَطْلَعَ علينا فلانٌ أي: أَقْبَلَ، وأَنْ يكونَ متعدياً، ومفعولُه محذوفٌ أي: أصحابَكم. وقرأ أبو البرهسم وعَمَّار بن أبي عمار: "مُطْلِعُوْنِ" خفيفةَ الطاء


(١) وهي أيضا لابن عباس وأبي البرهسم، انظر: السبعة لابن مجاهد: ٥٤٨، ومفاتيح الغيب: ٢٦/ ١٢٢، والبحر المحيط: ٧/ ٣٤٩، والإتحاف للدمياطي: ٦٥٨، ومعجم القراءات لمختار: ٤/ ٢٠٣.
(٢) هذا البيت من مرويات سيبويه في الكتاب: ١/ ١٨٨، وذكره صاحب الخزانة: ٢/ ٤٥ تحت الشاهد: ٩٥، والكامل في اللغة: ١/ ٩٧، وكلهم قال: إن البيت مصنوع، ويحمل على الضرورة في أحسن الأحوال.
(٣) معاني القرآن: ٢/ ٣٨٦.

<<  <   >  >>