للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقَرَأَ به قُرّاءُ الكُوفَةِ والشّامِ ويَزِيدُ والبَاقُونَ بسُكُونها. [التاج: نحس].

قال الفراء: "العوام على تثقيلها لكسر الحاء، وقد خفف بعض أهل المدينة: (نحسات). قال: وقد سمعت بعض العرب ينشد:

أبْلِغْ جُذَاما وَلَخْماً أنَّ إخْوَتَهُمْ ... طَيَّا وَبَهْرَاءَ قَوْمٌ نَصْرُهُمْ نَحِسُ (١)

وهذا لمن ثقَّل، ومن خفّف بناه على قوله: «فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ» " (٢).

قال الطبري: " وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقراته عامة قراء الأمصار غير نافع وأبي عمرو "فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ" بكسر الحاء، وقرأه نافع وأبو عمرو: "نَحْسَاتٍ" بسكون الحاء. وكان أبو عمرو فيما ذكر لنا عنه يحتج لتسكينه الحاء بقوله: {يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} وأن الحاء فيه ساكنة.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما قرّاء علماء مع اتفاق معنييهما، وذلك أن تحريك الحاء وتسكينها في ذلك لغتان معروفتان، يقال هذا يوم نحْس، ويوم نَحِس، بكسر الحاء وسكونها" (٣).

وقال القرطبي:" قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو "نَحْسَاتٍ" بإسكان الحاء على أنه جمع نَحْسٍ الذي هو مصدر وصف به. الباقون: "نَحِسَاتٍ" بكسر الحاء أي ذوات نحس. ومما يدل على أن النحس مصدر قوله: {في يوم نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} (٤) ولو كان صفة لم يضف اليوم إليه، وبهذا كان يحتج أبو عمرو على قراءته، واختاره أبو حاتم. واختار أبو عبيد القراءة الثانية وقال: لا تصح حجة أبي عمرو؛ لأنه أضاف اليوم إلى النحس فأسكن، وإنما كان يكون حجة لو نون اليوم ونعت وأسكن، فقال: {في يومٍ نَحْسٍ}، وهذا لم يقرأ به أحد نعلمه. وقال


(١) انظر: جامع البيان للطبري:٢١/ ٤٤٧، والمحرر الوجيز لابن عاشور: ٦/ ٢٤، والبصائر للفيروز آبادي: ١/ ٧٢٥، واللسان: (نحس)، وكلهم رووه عن الفراء في هذا الموضع، ولم ينسب لقائل.
(٢) معاني القرآن: ٣/ ١٤.
(٣) التبيان في إعراب القرآن: ٢١/ ٤٤٧.
(٤) القمر: ١٩.

<<  <   >  >>