للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(مَعَاقِيبُ) (١): قراءة في تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ومِن خَلْفِهِ} (٢).

[التاج: عقب].

تذكر معظم المعاجم العربية قولة تعالى {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ}؛ وذلك يعود لغرابة "معقبات"؛ لأنها صيغت صياغة الجمع المؤنث، على الرغم من دلالتها على جمع الذكور، وهم الملائكة، وفسر كثير من اللغويين التأنيث على معنى المبالغة في التكرار والكثرة، على نحو قولهم لمن كثر علمه: عَلَّامَة، ونَسَّابَة. وقد ذكر المحكم واللسان والتاج قراءة أخرى لـ "معقبات" وهي "معاقيب" وهي من صيغ الجمع المكسر، وفيها تخلص من معنى التأنيث الذي في قراءة "معقبات". يقول الزبيدي: والمُعَقِّبَاتُ: الحَفَظَة في قوله - عز وجل -: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} والمُعْقِّبَاتُ: مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ والنَّهَارِ؛ لأَنَّهم يَتَعاقَبُونَ وإِنَّمَا أَنَّثَ لكَثْرة ذلِكَ مِنْهُم، نحو نَسَّابَةٍ وعَلاَّمَةٍ وقَرَأَ بَعْضُ الأَعْرَاب: {لَهُ مَعَاقِيبُ}.

وقال السمين: " في "مُعَقِّبات" احتمالان: أحدهما: أن يكون "مُعَقِّبة" بمعنى مُعَقِّب والتاء للمبالغة كعلاَّمَة ونسَّابة، أي: مَلَكٌ مُعَقِّبٌ، ثم جُمِع كعلاَّمات ونسَّابات. والثاني: أن يكون "مُعَقِّبةِ" صفةً لجماعة، ثم جُمِع هذا الوصفُ.

وذكر ابن جرير أنَّ "مُعَقِّبة" صفةً لجماعة، ثم جُمِع هذا الوصفُ. وذكر ابن جرير أنَّ "مُعَقِّبة": جمعُ مُعَقِّب، وشبَّه ذلك برجل ورِجال ورجالات (٣). قال الشيخ: "وليس كما ذَكَر، إنما ذلك كَجَمَل وجِمال وجِمالات، ومُعَقِّبة ومُعَقِّبات إنما هي كضاربةِ وضاربات (٤). ويمكن أن يُجابَ عنه بأنه يريد بذلك أنه أُطْلِق مِنْ حيث الاستعمالُ على جمع مُعَقِّب، وإن كان أصلُه أن يُطْلَق على مؤنث "مُعَقِّب"، فصار مثلَ "الوارِدَة" للجماعة الذين يَرِدُون، وإن كان أصلُه للمؤنثة من جهةِ أن جموعَ التكسير في العقلاء تُعَامَلُ معاملةَ المؤنثة في الإخبار وعَوْدِ الضمير، ومنه قولهم "الرجال وأعضادُها"، والعلماء ذاهبة إلى كذا"، وتشبيهه ذلك برجل


(١) قراءة أبي البرهسم، وعبيد الله بن زياد وزياد بن أبي سفيان وإبراهيم، انظر: الكشاف: ٢/ ٥١٧، ومعلم التنزيل: ١/ ٤٦، والجامع للقرطبي: ٩/ ٢٩١، والبحر المحيط: ٥/ ٣٥٦، والدر المصون: ٤/ ٢٣٢، معجم القراءات لمختار: ٢/ ٤٨٧، ومعجم القراءات للخطيب: ٤/ ٣٩٢، ٣٩٣.
(٢) الرعد: ١١.
(٣) انظر جامع البيان: ١٦/ ٣٦٩.
(٤) وهذا قول ابن عطية، انظر: معالم التنزيل: ١/ ٤٦.

<<  <   >  >>