للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد، يعنى أن اللفظين بمعنى واحد، وإن كان أراد أن القراءة بذلك تجوز في الصلاة والغرض كما جازت بالأولى، فقد غلط في ذلك وأساء" (١).

والذي ذكره الزركشي من البدل في القراءة السابقة لم يقل به أحد، والمعاجم العربية كلها على أنهما من مادتين مختلفتين، وإن كان معناهما واحد فالعلاقة بينهما ترادف وليس بدل (٢).

(صَلَلْنَا) (٣): قراءة في قوله تعال: {أَئِذَا ضَلَلْنَا في الأَرْضِ} (٤).

[التاج: صلل، وضلل].

قراءة الجمهور: "ضَلَلْنَا" بالضاد المعجمة، ومعناها: مِتْنَا وصِرْنَا تُراباً وعِظاماً فَضَلَلْنَا في الأَرْضِ فلم يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِنا. وقالَ الرَّاغِبُ: هو كِنايةٌ عن المَوْتِ واسْتِحَالَةِ البَدَنِ. وضَلَّ الشَّيْءُ: إِذا خَفِيَ وغَابَ، ومنهُ ضَلَّ الماءُ في اللَّبَنِ، وهو مَجازٌ ويُقالُ: ضَلَّ الكافِرُ، إِذا غَابَ عن الحُجَّةِ وضَلَّ النَّاسِي إذا غابَ عنهُ حِفْظُهُ (٥).

وقرئ "صَلَلْنَا" بالصاد المهملة، وفي معناها وجهان:

أَحَدُهما: أَنْتَنَّا وتَغَيَّرْنا وتَغَيَّرَتْ صُوَرُنا، مِنْ صَلَّ اللَّحْمُ إِذا أَنْتَنَ.

والآخر: صَلَلْنا: يَبِسْنَا مِنَ الصَّلَّةِ، وهي الأَرْضُ اليابِسَةُ (٦).

والفرق بين القراءتين يتمثل في تخالف صوتي الضاد والصاد، هذا التخالف نجم عنه اختلاف في المعنى كما تقدم، ويمكن التقريب بين المعاني السابقة؛ لأن الإنسان إذا مات مر بمراحل:

أولها: أنه يَنْتَنُ.

وثانيها: أن تبقى عظامه يابسة قدرا من الزمان.


(١) البرهان في علوم القرآن للزركشي: ٣/ ٣٨٨.
(٢) انظر: المحرر الوجيز: ١/ ٢٤٣، والجامع للقرطبي: ٤/ ٢٤٦، والبحر: ٦/ ٢.
(٣) قراءة الحسن وعلي بن أبي طالب وابن عباس والأعمش وأبان بن سعيد بن العاص انظر: معاني القرآن للفراء: ٢/ ٣٣١، والجامع للطبري: ٢٠/ ١٧٤، والمحرر الوجيز لابن عطية: ١/ ٢٨٥، الإتحاف: ٦٢٦، والجامع للقرطبي: ١٤/ ٩٢، والبحر المحيط: ٧/ ١٩٥، ومعجم القراءات لمختار: ٤/ ٦٥، ومعجم القراءات للخطيب: ٧/ ٢٢٥.
(٤) السجدة: ١٠.
(٥) انظر: الكشاف: ٣/ ٥٠٩، وإعراب القرآن للنحاس: ٣/ ٢٩٣، والدر المصون: ١٢/ ٩، وروح المعاني للألوسي: ١/ ٤٩٧.
(٦) المصادر السابقة نفسها.

<<  <   >  >>