للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاصة، وهو من قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ}، والضَّعْف بالفتح يكون في الجسد والرأي والعقل، يقال: في رأيه ضَعْفٌ ولا يقال: فيه ضُعْفٌ كما يقال: في جسمه ضُعْفٌ وضَعْفٌ" (١).

ويقول الألوسي: " الضم والفتح لغتان في ذلك كما في الفَقْر والفُقْر. الفتح لغة تميم، والضم لغة قريش؛ ولذا أختار النبي - صلى الله عليه وسلم - قراءة الضم ... لأنها لغة قومه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقصد - صلى الله عليه وسلم - بذلك رد القراءة الأخرى؛ لأنها ثابتة بالوحي أيضا كالقراءة التي أختارها ... وحكي عن كثير من اللغويين أن الضُّعْفَ بالضم ما كان في البدن، والضَّعْفَ بالفتح ما كان في العقل، والظاهر أنه لا فرق بين المضموم والمفتوح" (٢).

(السُّدَّيْنِ) (٣): قراءة في: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ} (٤). [التاج: سدد].

يذكر الزبيدي معنى السَّد بالفتح، والفرق بينه وبين السُّد بالضم، على هدي من القراءة فيقول: "السَّدُّ بالفتح: الجبلُ والسّدُّ: الحاجزُ كذا في التهذيب ويُضَمُّ فيهما صَرَّحَ به الفَيُّوميُّ وغيره. وقال ابن السّكّيت: يقال لكل جَبَل سَّدٌّ وصَدٌّ وصُدٌّ. أَو بالضم: ما كان مخَْلُوقاً لله - عز وجل - وبالفَتْح مِنْ عَمَلِنَا حكاه الزَّجّاجُ (٥). وعلى ذلك وَجْهُ قِراءَةِ من قَرَأَ {بَيْنَ السَّدَّين} و"السُّدَّيْن" ورواه أَبو عبيدة (٦)، ونحو ذلك قال الأَخفش.

وقَرَأَ ابن كَثير وأًَبو عمرو {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ}، و {عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} (٧) بفتح السين. وقرآ في يس {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} (٨). وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، ويعقوب


(١) معجم الفروق اللغوية: ١/ ٣٣٠.
(٢) روح المعاني: ٢١/ ٥٨.
(٣) هي قراءة نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي وأبي بكر عن عاصم وأبي جعفر ويعقوب وخلف، انظر: السبعة لابن مجاهد: ٣٩٩، والحجة لابن خالويه: ٢٣١، ومعالم التنزيل للبغوي: ٥/ ٢٠١، والمحرر الوجيز لابن عطية: ١/ ٤١٩، والإتحاف: ٢٩٤، ومعجم القراءات للخطيب: ٥/ ٢٩٧.
(٤) الكهف: ٩٣.
(٥) انظر: معاني القرآن وإعرابه: ٣/ ٣١٠.
(٦) مجاز القرآن: ٧٠.
(٧) الكهف: ٩٤.
(٨) يس: ٩.

<<  <   >  >>