للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَمَلُهُ} بكَسْرِ الباءِ". وقد راعت اللغتان مبدأ المخالفة، فالباء مفتوحة في الماضي مكسورة في المضارع أوالعكس.

ولغة فتح الباء في الماضي يرويها أبو زيد الأنصاري عن أحد الأعراب، وهذا يتفق مع الرأي القائل بأن سكان البادية يميلون إلى السهولة في النطق، وتوفير المجهود المبذول، وأن سكان الحواضر يميلون إلى التأني والهدوء في النطق يقول باحِثٌ مُحْدَثٌ:" الانسجام الصوتي ـ أو المماثلة الصوتية ـ مظهر من مظاهر التخفيف والتسهيل في الكلام، اتسمت به بعض القبائل العربية؛ ربما كان معظمها من قبائل شرق الجزيرة، تلك القبائل البدوية؛ لأن البدوي بطبعه يميل إلى الاقتصاد في المجهود العضلي عند النطق، أما القبائل المتحضرة المتمثلة في قبائل غرب الجزيرة فقد حافظت على الأصل في النطق؛ لأنها تميل إلى التأني والهدوء في النطق" (١)، والدليل على ذلك كسر هاء ضمير الغائب بعد ياء أو كسرة، فقد قيل: إن الضم الأصل، والكسر جاء اتباعا (٢).

• "رَغْبَاً وَرَهْبَاً" (٣): قراءة في قوله تعالى: "يَدْعُونَنَا رَغَبَاً وَرَهَبَاً" (٤).

[التاج: رغب].

يستدل الزبيدي على تعدد اللغات في (الرغب والرهب) بالقراءة فيذكر أن قوله تعالى: "يَدْعُونَنَا رَغَبَاً وَرَهَبَاً" قرئ بفتح الأول وسكون الثاني منهما، وقرئ بضم الأول وسكون الثاني (٥)، وقرئ بضمهما معا (٦)، وبفتحهما معا (٧) فيتحصل


(١) اللهجات العربية في التراث لأحمد علم الدين الجندي: ١/ ٩٨. ويرى الدارس أن هذا الحكم ليس بوصف عام، فثمة ظواهر، مالت فيها القبائل المتحضرة إلى التخفيف، على حين حافظت القبائل البدوية على الأصل في النطق، ومن ذلك تحقيق الهمز وتخفيفه.
(٢) انظر: الكتاب:٤/ ١٩٥، والحجة لأبي على: ١/ ٤٦، والحجة لابن خالويه: ٦٣ والمقتضب:١/ ٣٩٩ والمحتسب: ١/ ٤٤، وإبراز المعاني: ٧٣، والهمع: ١/ ٥٨.
(٣) قراءة ابن وثاب والأصمعي ويونس وأبي زيد وهارون وآخرون، انظر: جامع الأحكام للقرطبي: ١١/ ٣٢٧، والدر المصون: ١٠/ ٣٢٧.
(٤) الأنبياء:٩٠.
(٥) قراءة أبي عمرو، انظر الإتحاف: ٥٥٦، ومعجم القراءات للخطيب:٦/ ٥٢.
(٦) قراءة الأعمش، انظر المصدرين السابقين.
(٧) قراءة الجمهور، انظر المصدرين السابقين.

<<  <   >  >>