الحمد لله الغالب على أمره. الحكيم في نهيه وأمره. والصلاة والسلام على سيد خلقه. ومبلغ وحيه. وعلى آله وأصحابه زينة المجالس. وغرر الأيام الدوارس. وتابعيهم على الهدى والحق الذي ليس له طامس. وبعد:
أخي المسلم: إن نفوسنا ألفت المألوف، وانقطعت إلى دنيا الحظوظ، وتقلَّبَتْ على بساط الأماني، ورضعت من لبان الشهوات، فأصبح نهارها في طول الآمال .. وليلها المظلم إذا حُدِّثَتْ بقصر الآمال .. انقطعت إلى الدنيا .. وتَعبَّدَتْ للآمال الدنية .. والأيام في زوال .. والدهور في ارتحال .. لا المال الكثير يُقنِّعُها! ولا الجاه العريض يزَهِّدُها!
أخي: ماذا ننتظر بهذه النفوس الخداعة؟ ! وإلى متى نمد لها في حبال الآمال البراقة؟ !
أخي: أما كان فيمن مضى معتَبر؟ ! أمَا كان في القرون الخاليات مزدجر؟ !
أخي: أبَت النفس إلا ولوهًا بالشهوات .. وضلوعًا في الجهالات .. فيا تُرى فيم يكون الدواء الشافي؟ ! والسوط الرادع الواقي؟ !
أخي: سأدلك اليوم على دواء ترياق .. وسم للدنيا دَفَّاقْ .. إن أنت تناولته كنت من الدنيا في مكان حَرِيزْ .. ومنزل عزيزْ .. تداوى به الصالحون من الدنيا وأوصابها، فكان سببًا في ارتفاعهم وعلوهم،