عن الفضل الرقاشي أنه كان يقول في كلامه إذ ذكر أهل القبور:«يا لها من وجوه حيل بينها وبين السجود لله عز وجل, لو يجدون إلى العمل مخلصًا بعد المعرفة بحسن الثواب؛ لكانوا إلى ذلك سراعًا! ثم يبكي، ويقول: يا إخوتاه! فأنتم اليوم قد خلي بينكم وبين ما عليه ترجون إليه فكاك رقابكم، ألا فبادروا الموت، وانقطاع أعمالكم، فإن أحدكم لا يدري متى يخترمه ليلاً أو نهارًا»!
وقال أبو وهب محمد بن مزاحم:«قام رجل إلى ابن المبارك في جنازة، فسأله عن شيء، فقال له: يا هذا, سبِّح، فإن صاحب السرير منع من التسبيح»!
أيها المذنب! كم من مقبور تحت الثرى تسبيحة واحدة خير له من الدنيا وما فيها!
وما أسهل ذلك وأنت حي .. وفي فسحة من أمرك .. وما أزهد أهل القبور عن حطام أهل الدنيا الفاني!
مر بعض السلف بالمقابر، فقال:«أصبح هؤلاء زاهدين فيما نحن فيه راغبون»!
وتذكر - أيها المذنب - أن الأعمال الصالحة؛ أنيس أهل الطاعات في قبورهم .. فما هو أنيسك يومها؟ !
فما أحوجك يومها إلى أنيس يؤنس وحشتك في بيت الوحشة!