الحمد لله الذي أكرم أولياءه بجنَّات النعيم، وأسبغ عليهم فيها حلل النضارة والتكريم، والصلاة والسلام على نبيه الهادي إلى الصراط المستقيم، وعلى آله وأصحابه مصابيح الليل البَهيم.
وبعد:
أخي المسلم: لقد ظل هذا الإنسان يبحث عن السعادة في ليله وفي نهاره! لا يدع بابًا يشم منه ريحًا للسعادة إلا طرقه! بحثٌ شديد .. وحرصٌ أكيد ..
أخي: هي (الدُّنيا! ) بآلامها وشجونها! الخلق يتقلَّبون في بلائها ما بين حُلْو ومُرٍّ! ولكن قل لي أخي: هل صفت لأحد؟ !
هل اعتصر أحد سعادتها خالية من الأكدار والآلام؟ !
هل سعد أحد حتى قال الناس: هذا أسعد الناس؟ !
و(هي! ) هل أعطت أحدًا خيرها صافيًا؟ !
هل اتخذت أحدًا من الخلق صفيًا؟ ! فمنحته برها، وأغدقت عليه ألطافها وقالت له: أنت السعيد وحدك ببرِّي من بين الخلق؟ !
أخي: كم هي هذه الدنيا رخيصة! وكم هي خائنة وغادرة! إذا أضحكت أبكت! وإذا أعطت أخذت! تمنح لصيدها الطعم الثمين! فيأكل هنيئًا مسرورًا! حتى إذا قال لنفسه: أنا السعيد! صبت عليه بلاءها وشرورها! فعادت السعادة شقاء! وعاد النعيم بؤسًا ونكدًا!
أخي: هي (الدنيا! ) لو صفت لأحد لكان أولى الناس بذلك سيد الخلائق، والناطق بالوحي الصادق، رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، خرج من الدنيا وما شبع من خبز الشعير! خرج من الدنيا ولم يجمع بها درهمًا ولا دينارًا!