فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك وانتقالك من موضعك؟ !
وإذا نقلت من سعة إلى ضيق! وخانك الصاحب والرفيق! وهجرك الأخ والصديق!
وأخذت من فراشك وغطائك إلى غرر! وغطوك من بعد لين لحافك بتراب ومَدَر! فيا جامع المال والمجتهد في البنيان! ليس لك والله من مال إلا الأكفان! بل هي والله للخراب والذهاب! وجسمك للتُّراب والمآب!
فأين الذي جمعته من المال؟ ! فهل أنقذك من الأهوال؟ ! كلا بل تركته إلى من لا يَحمدك! وقدمتَ بأوزارك على من لا يعذرك! الإمام القرطبي.
أخي في الله: أرأيت هذا البحر الذي غرقنا فيه من لجج الغفلات! هل هو إلا بسبب طول الأمل؟ !
أخي: إن طول الأمل خلف كل بلية! فالكلُّ إذا أصبح ومسح النَّوم عن عينيه فتل الحبال الطوال من الآمال!
فيا لله! لقد افترشنا الآمال! والتحفنا الآمال! وتوسَّدنا الآمال! لا الكبير يردُّه دُنُوُّه من الأجل! ولا الصَّغير يرتدع بموت من هو في الصِّغَر!
أتَطْمَعُ أنْ تُخَلَّدَ لا أَبالَكْ ... أَمنْتَ من المنِيَّةِ أَنْ تَنَالَكْ
أَمَا والله إنَّ لَهَا رَسُولاً ... وأَقْسمُ لو أتَاكَ لما أَقالَكْ