للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به- في إقامة الحد على الشهود، ولكنه لم يصب عندي، هو ولا من تابعه من أهل العلم في اشتراطهم في صحة التوبة إكذاب الشاهد لنفسه.

(الوجه السابع): أن لا خلاف بين أهل العلم أن من شتم مسلما بأي نوع من أنواع الشتم الذي ليس بقذف: فإن توبته من ذلك لا يشترط فيها إكذابه لنفسه. بل يكفر في ذلك الندم، والعزم على عدم المعاودة، ومن زاد على هذا، قال: وطلب العفو من المشتوم.

ومن المعلوم أنه يشتمل الجميع جنس الشتم، فلا وجه لتخصيص بعضه بقيد في صحة التوبة منه دون الآخر.

(الوجه الثامن): أخرج عبد الرزاق (١) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله- صلى الله عليه واله وسلم-: " قضى الله [٥أ] ورسوله أن لا تقبل شهادة ثلاثة، ولا اثنين، ولا واحد على الزنا. ويجلدون ثمانين ثمانين، ولا تقبل لهم شهادة أبدا، حتى يتبين للمسلمين منهم توبة نصوح وإصلاح".

فلم يعتبر النبي- صلى الله عليه واله وسلم- في هذه التوبة زيادة على ما يصدق عليه هذا المفهوم من إكذاب الشاهد لنفسه، بل هي توبة كسائر التوبات من الذنوب.

(الوجه التاسع): أن الكذب ذنب من الذنوب، وكبيرة من الكبائر (٢)، وقد


(١) في "المصنف" (٧/ ٣٨٧ رقم ١٣٥٧١)
(٢) قال تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات:١٠].
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر:٢٨].
وقال تعالى: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} آل عمران: ٦١. للحديث الذي أخرجه البخاري رقم (٣٣) ومسلم رقم (٥٩) عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان".
وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (٦٠٩٤) ومسلم رقم (١٠٢/ ٢٦٠٦) عن عبد الله بن مسعود قال: إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة. وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حيت يكتب عند الله كذابا