للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإشكال في هذا الوجه على حاله، لأن مراده: قل إني أمرت أن أعبد الله ... إلخ

، وأمرت أن أكون أول المسلمين، فأعاده المعطوف الأخر تكرارا، وحق المقام: قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأن أكون أول المسلمين، على أن اللام مزيدة. وقول الزمخشري (١) أن اللام لا تزاد إلا مع أن خاصة فيقال: قد جاء في قوله- عز وجل- {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} (٢)، وجعلت اللام مزيدة بدون أن في هذا، هذا لفظ السؤال. وأقول: تقرير سؤال الزمخشري- رحمه الله- أن الفعلين وهما أمرت أمرت متحدان مادة وهيئة ومعنى، فكيف عطف أحدهما على الآخر مع أن متعلق الثاني هو متعلق الأول، لأنه لم يذكر بعده إلا العفة، فتعففه مقدر، وهو معمول الأول كما سيأتي تحقيقه. وتقرير الجواب منه- رحمه الله- أن الأول مطلق، والثاني مقيد، والمقيد غير المطلق من حيث إنه مقيد، والأول لمحض الإخبار ليس إلا، والثاني للأخبار بالأمر بالإخلاص. ولاشك أن المأمور به غير المأمور له، والأول يفيد الأول، والثاني يفيد الثاني. ولا شك أن هذا من اختلاف الجهة المسوغ للعطف. والسعد وإن ذكر أن اختلاف الجهة مشكل فقد أجاب عنه. مما يزيد ذلك. وقد تبع الزمخشري أئمة التفسير في ذلك، فقال أبو السعود (٣): والعطف لمغايرة الثاني الأول بتقييده بالعلة، والإشعار بأن العبارة المذكورة كما يقتضي الأمر بها لذاتها تقتضيه لما يلزمها من السبق في الدين،


(١) انظر النص الكامل لكلامه فقد تقدم آنفا.
(٢) قال ابن هشام قي "مغني اللبيب" (٢/ ٢١٦): واختلف في اللام من نحو: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} و {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} فقيل: زائدة، وقيل: للتعليل، ثم اختلف هؤلاء، فقيل: المفعول محذوف أي يريد الله التبين ليبين لكم ويهديكم: أي ليجمع لكم بين الأمرين، وأمرنا. مما أمرنا له لنسلم.
وقال الخليل وسيبويه ومن تابعهما: الفعل في ذلك كليما مقدر. بمصدر مرفوع بالابتداء، واللام وما بعدها خبر، أي إرادة الله للتبيين، وامرنا للإسلام، وعلى هذا بلا مفعول للفعل.
(٣) في تفسيره (٥/ ٥٩٠) بتحقيق: محمد صبحي بن حسن حلاق.