للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد (١) والكلبي (٢): سينين كل جبل فيه شجر مثمر. وقال الأخفش (٣): طور جبل، وسينين شجر واحدته سينة.

إذا تقرر لك أنه- سبحانه- أقسم في كتابه العزيز هذه المخلوقات المتنوعة تقرر لك أن المراد بالعصر هو الدهر كما قررناه، ولا وجه لتقدير مضاف محذوف فيه، ولا في سائر ما أقسم الله- سبحانه- به من مخلوقاته، فإن الله- سبحانه- يقسم. مما شاء منها، ولم يأتنا دليل ولا شبهة دليل أنه لا يقسم إلا. ما له شرف وبما فيه فضيلة ممن حرف المعاني القرآنية الواردة على نمط لغة العرب، لأجل تحصيل شيء في المقسم به يصير به ذا شرف، فقد أخطأ خطأ بينا، وغلط غلطا واضحا، فإنه تلاعب بكتاب الله - سبحانه- لخيال مختل، وتعليل معتل، وتوهم فاسد، وفهم كاسد. فاعرف هذا، وليكن منك على ذكر، فكثيرا ما يقع لأهل العلم الوهم الباطل، ثم يبن عليه ما هو أبطل منه، وينقله عنه من يهاب الرد عليه، [٥ب] فيحرر في كتب التفسير ونحوها من زائف الأقوال، وباطل الآراء ما يضحك منه تارة، ويبكى منه أخرى. والتقليد وإحسان الظن بالأموات هو السبب لكل غلط، والمنشأ لكل جهل، والحامل على ترويج كل باطل. فإن قلت: قد أخرج ابن جرير (٤) عن ابن عباس أنه قال في تفسيره العصر المذكور في هذه السورة أنه ساعة من ساعات النهار. وأخرج ابن (٥) المنذر عنه أيضًا أنه قال: إنه ما قبل مغيسب الشمس من العشي. قلت: قد أخرج (٦) ابن المنذر عنه أيضًا أنه قال إنه الدهر فجمع اختلاف الرواية عنه يرجح ما وافق المعنى اللغوي، ويحمل ما خالفه على المجاز وقد كانت العرب تتجوز في لفظ العصر فيقولون مثلا: العصر الأول، والعصر


(١) انظر هذه الأقوال وغيرها في " الجامع لأحكام القرآن "
(٢) انظر هذه الأقوال وغيرها في " الجامع لأحكام القرآن "
(٣) انظر هذه الأقوال وغيرها في " الجامع لأحكام القرآن "
(٤) (١٥/ ج ٣٠/ ٢٨٩).
(٥) عزاه إليه السيوطي الدر المنثور (٨/ ٦٢٢)
(٦) عزاه إليه السيوطي في " الدر المنثور " (٨/ ٦٢١).