للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقرر في علم البيان والأصول، فيشتمل كل من حصل له وصف الإيمان وقد اختلف الناس في تفسير الإيمان أصلا فأكثروا وأطالوا في ذلك، وتنوعت كلماتهم، واختلفت رسومهم. والذي ينبغي الاعتماد عليه، والمصير إليه هو ما ثبت عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه واله وسلم- في تفسيره وبيان معناه كما في الصحيحين (١) وغيرهما (٢)، فإنه لما سأله السائل عن الإيمان قال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، والقمر خيره وشره ".، وعند هذا البيان النبوي، والتفسير المصطفي يستغنى عن تلك الحدود التي، والرسوم التي اصطلحوا عليها. وإذا جاء فر الله بطل فر معقل. والمراد هنا هو الإيمان الشرعي، لأن الحقائق الشرعية مقدمة على غيرها كما تقرر في علم الأصول، وهو في الشرع التصديق عن كمال اعتقاد، بحيث لا يشوبه شك، ولا حتى شبهة. ولو لم يكن على هذه الصفة لم يكن تصديقا صحيحا، والمراد من التصديق بالله - سبحانه- أن تصدق بوجوده، وأنه الإله الخالق الرازق، المحيى المميت، الحط الدائم، الأحد الصمد، الذي يشاركه مشارك، بل هو المتفرد بالربوبية، والكل من هذا العالم عباده، وتحت حكمه، يصنع فيهم [٧أ] ما يشاء، ويحكم ما يريد، ما شماء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وتصدق بوجود ملائكته على الصفة التي وردت في الكتاب والصنة، وتصدق بأن الله أنزل كتبه على رسله ليبينوا لهم ما شرعه لهم من الشرائع، وأن هذه الكتب التي جاء ها الرسل- صلوات الله عليهم وسلامه- هي من عند الله- عز وجل-، وأنها كلها حق وصدق وشرع وإن خالف بعضها بعضا، فإن ذلك إنما هو لرعاية مصالح العباد بحسب اختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص، وتصدق أيضًا بأن الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده هم رسله حقا، وأنه


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٧٧٧) ومسلم رقم (٨)
(٢) كأحمد (١/ ٢٨،٥١،٥٢) وأبو داود رقم (٤٦٩٥) وابن ماجه رقم (٦٣) والنسائي (٨/ ٩٧ - ١٥١) والترمذي رقم (٢٦١٠). كلهم من حديث عمر رضي الله عنه