للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرهم بإرشاد العباد إلى ما شرعه لهم من الشرائع، وبينه لهم من المصالح الدينية والدنيوية، لطفا هم، وتوفيقا لهم، وإقامة للحجة عليهم، لئلا يقولوا ما جاءنا من رسول، ولله الحجة البالغة. وتصدق بالقدر خيره وشره، أي بأن ما كان أو سيكون من كبير وصغير، وجليل وحقير، وخير وشر، ونفع وضر هو بتقدير الله- سبحانه- وقضائه، ما شاء كان، وما لم يشاء لم يكن. ليس للعبد في ذلك عمل، ولا له تصرف في نفسه، ولا في غيره، ولا في جليل أموره، ولا في حقيرها، ولا في صغيرها، ولا في كبيرها. بل قدر الله وما شاء فعل.

واعلم أن الإيمان بالقدر هو العقبة الكون لم الصعب، فإنه إذا صح للعبد الإيمان به كما ينبغي لم يأسف على فائت كائنا ما كان، لأنه يعلم أن ذلك هو من جهة خالقة ورازقه، ومن هو أرأف به من أبويه، وأحنا عليه من نفسه. ولكن هذه النفوس البشرية المجبولة (١) على السرور بالخير، والنفور عن الشر، فإذا دهمها شيء مما تكره اضطرتجا له، ونفرت عنه، وضاو ذرعها به، وطال همها، وكثر غمها، وذلك جبفة خلقية-، وطبيعة بشرية، فيكون بذلك تكدر العيش، وضيق العطن، ولشوش الحال، ولكنه إذا راجع نفسه وتغفل ما أمر به من الإيمان بالقدر، وأن ذلك من عند الله- عز وجل- هان الخطب، وقل الكرب، وذهب الغم، وارتفع الهم. وما أحسن ما قاله إبراهيم الحربي- رحمه الله-: من لم يمش مع القدر (١) لم يتهن بعيشه، وهاهنا باب يدخل منه من كربه أمر، ومسه خطب يلجأ منه إلى حصن حصين ينجو به من كل شيء يخافه ويحذره، وهو الدعاء (٢) فإنه الترياف النافع، والمرهم الشافي. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه .... .... .... .....


(١) تقدم ذلك في المجلد الأول. وانظر: " شرح العقيدة الطحاوبة " (٢/ ٣٥٨ - ٣٦٠)
(٢) تقدم " فضل الدعاء " في المجلد الأول.