للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآمال بأسرها وإن طالت ذيولها، وبعدت مراميها فآخرها التقضي والذهاب، ولهذا أقول:

لا يغرنك طول عمر فإن الحبل ... يطوى من ساعة الميلاد

لوله: وتواصوا بالحق. يقال: أوصاه ووصاه بوصية عهد إليه. ومعنى التواصي أنه أوصى به أولهم آخرهم، وهذا ذاك، وذاك هذا. هذا هو المعنى اللغوي. والصيغة تدل على الاشتراك في أصل الفعل كما هو مقرر في علوم اللغة العربية، والحق في الشرع واللغة ضد الباطل، وأصله الثبوت من حق الشيء إذا ثبت، والمحق- المبطل، والمراد هنا أنه وصى بعضهم بعضا. مما يحق القيام به، فيدخل التواصي بالإيمان وبالقيام بأركان الإسلام دخولا أوليا. ومن أهم أنواع التواصي بالحق أن يتواصوا بالأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، ومن أهمها أيضًا أن يتواصوا ببيان ما يعرف بعضهم من بعض أنه مرتكب له واقع فيه من المعاصي والمكروهات، وما يخالف ما يرضاه الله- سبحانه- ويحبه من الأخلاق الصالحة والشمائل المرضية فيما بينهم وبين ربهم، وفيما بينهم أنفسهم. ومن أعظم ما ينبغي [١١أ] التواصي به حفظ اللسان من الغيبة والنميمة والسخرية والتينابز بالألقاب، فإن هذه أمور في عنها الكتاب العزيز {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ} (١) إلى آخر الآية {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (٢) {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} (٣) الخ. {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (٤) {لا يسخر قوم من قوم} (٥) الآية. {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} (٦)


(١) الحجرات:١٢
(٢) القلم:١١
(٣) الحجرات:١١
(٤) الهمزة:١
(٥) الحجرات:١١
(٦) الحجرات:١١