للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينعمل له فهو شأن المؤمنين مع بعضهم البعض، وديدنهم وهجيراهم، وربما كان بعضهم لا يقبل ذلك، ولا ينعمل له، ولا ينقاد لمن وصاه بالحق، ووصاه بالصبر؟ قلت: الكلام هنا مع أهل الإيمان، ولهذا عطف على الذين امنوا وعملوا الصالحات بالحرف المقتضي للجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، وشأن أهل الإيمان قبول ذلك، والإنعمال له، والانقياد لقائله، وشكره على ذلك، والدعاء له، وأما ما ذكرت فهو من أخلاق الجبابرة، وجفاه المنتسبين إلى الإسلام فلسنا بصدد الكلام معهم، لكن إذا كان التواصي بالحق والتواصي بالصبر (١) واجبا على الصفة التي قدمنا فقد عرفناك أنها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، [٤١أ] وهو واجب على كل مسلم لكل من ارتكب محرما، أو ترك واجبا فعلية أن يقوم بعرضه، ويصك به وجه من استحقه، ورغم به أنفه، فإن قدر على أن يحمله على ذلك شاء أم أبى فهو الواجب على من وجد من نفسه قوة على ذلك، وإن عجز عن ذلك فلا أقل من أن ينكره بلسانه، وإن بلغ في الضعف إلى حد يعجز عن الإنكار باللسان، أو يخشى على نفسه مالا يستطيع دفعه عن نفسه ففي الإنكار بالقلب رخصة له، لما ثبت (٢) عنه صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: " من رأى


(١) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (٢٣١٢): ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه لا يفيد في ظنه بل يحبط عليه فعله فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
وقال العلماء: " ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأصحاب الولايات بل ذلك جائز لآحاد المسلمين.
وقال الشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان في " أصول الدعوة " (ص ٢٦٧) إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب الأمة جمعاء فكل مسلم علم بالمنكر وقدر على إنكاره وجب عليه دلك لا فرق في دلك بين حاكم ومحكوم أو عالم أو عامي قال تعالى: & كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "آل عمران:١١٠".
والحطاب للأمة عامة وكذلك أكتر نصوص الخطاب فيها عام لجميع أفراد الأمة ولكن المسؤولية تتأكد على صنفين من الناس وهما العلماء والأمراء
(٢) تقدم تخريجه.