للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما ورد في الحديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين .... " (١) إلخ.

هل المراد سنتهم في اتباعهم لهديه وسنته، أم المراد فيما سنوه فيما لم يكن فيه نص (٢)؟.

- فكيف إذا تعارضت عند الناظر كحديث (٣): " كان الطلاق على عهد رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .... إلخ.


(١) أخرجه أحمد (٤/ ١٢٦ - ١٢٧) وأبو داود رقم (٤٦٠٧) والترمذي رقم (٢٦٧٦) وقال حديث حسن صحيح. وابن ماجه رقم (٤٣ و٤٤) والدارمي (١/ ٤٤ - ٤٥) وابن حبان في صحيحه (١/ ١٠٤ رقم ٥) والحاكم (١/ ٩٥ - ٩٧) وقال: هذا حديث صحيح ليس له علة ووافقه الذهبي وابن أبي عاصم في السنة (١/ ١٧، ١٩، ٢٩، ٣٠) والآجري في الشريعة (ص ٤٦ - ٤٧) من حديث العرباض بن سارية قال: صلى بنا رسول الله ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فما تعهد إلينا؟ قال: " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا. فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ". وهو حديث صحيح.
(٢) مفاد الحديث السنة العملية، أي إذا عمل الصحابة عملا لم ينقل لنا فيه سنة عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا موافقة ولا مخالفة فإنا نعد هذا كسنة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونفتدي بهم فيه وعلى هذا يكون " قولهم معتبر وعملهم مقتدى به " المراد بالقول القول التكليفي لا التعريفي، وذلك كما إذا رأينا الصحابي في الحج مثلا يكبر أو يلبي في مكان مخصوص، وليس المراد القول. بمعنى الرأي والاجتهاد وإلا فمجرد المدح بالعدالة والأمر باتباع سنتهم لا يفيدان ذلك في الاجتهاد والآراء.
وقد أوضح ابن قيم الجوزية هذا المقام وحرره تحريرا شافيا وأقام ستة وأربعين دليلا على وجوب الأخذ بآرائهم ومذاهبهم وأنها تكون كالسنة وكذلك الاقتداء بهم في أعمالهم.
أعلام الموقعين (٤/ ١٢٨ - ١٥٣).
(٣) يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٤٧٢) وأبو داود رقم (٢١٩٩ و٢٢٠٠) والنسائي (٦/ ١٤٥) من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم؟.