للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحاكم (١) من حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن الدعاء هو العبادة " وفي رواية: " مخ العبادة " ثم قرأ رسول الله الآية المذكورة، فهذه الصيغة الشريفة النبوية المصطفوية [٣] قد اشتملت على ثلاثة أشياء (٢)، كل واحد منها يقتضي الحصر.

الأول: تعريف المسند إليه.

الثاني: تعريف المسند.

الثالث: ضمير الفصل.

وقد صرح أرباب علم المعاني والبيان والأصول بأن كل واحد آلة من آلاته وأداة من أدواته، وأن وجود أحدها يقتضي الحصر، فكيف إذا اجتمعت جميعا وانضم إليها حرف التأكيد المشعر بأن ما دخل عليه كلام مؤكد، فانظر هذه المبالغة البليغة والعبارة المنادية بأبلغ نداء، المفيدة أكمل إفادة، المشعرة أتم إشعار.

فإن قلت: علام كل هذا الحصر. هل على الحقيقي أم على الادعائي؟

قلت: احمله على الادعائي لأنه قد علم من هذه الشريعة أن من أنواع العبادة أمورا كثيرة لو لم يكن من ذلك إلا أركان الإسلام الخمسة: الشهادتان والصلاة والصيام والزكاة والحج فضلا عن غيرها، فأقل ما يفيده الحديث أن الدعاء عبادة كاملة مؤكدة، فمن دعا غير الله عز وجل طالبا منه أمرا من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله سبحانه فقد عبد غير الله، ولم يبعث الله سبحانه رسله ولا أنزل عليهم كتبه إلا لإخلاص توحيده


(١) في المستدرك (١/ ٤٩١) وصححه ووافقه الذهبي.
وهو حديث صحيح وقد تقدم.
(٢) يشير إلى أن الحصر هنا اجتمع فيه ثلاثة عناصر كلها تفيد الحصر:-
* تعريف الجزأين [المسند والمسند إليه] وهذا يفيد الحصر حقيقة أو مبالغة. ومثاله: الحمد لله.
* وكذلك وجود ضمير الفصل وهو يفيد الحصر.
انظر معترك الأقران (١/ ١٤٠ - ١٤٢).