للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال نعم- هذا لفظ حديث أبي هريرة الثابت في "الصحيح" (١)

وفي حديث ابن عباس الثابت في الصحيح (٢) أيضًا بلفظ: "قد فعلت" مكان: "قال: نعم" في هذه المواضع، ولا يخفاك أن الحرج الذي رفعه الله في الآية الأولى ونسخه وغفره لأمته، هو التسوية بين إبداء ما في النفس أو إخفائه، ولفظ الآية يقتضي العموم، لأن قوله: {أو تخفوه} الضمير يرفع إلى قوله: {ما في أنفسكم} ولفظ "ما" من صيغ العموم -كما قدمنا- لأنها الموصولة، ثم رفع الله عنهم هذا التكليف، ولم يحملهم ما لا طاقة لهم به. ولفظ: {ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} يقتضي العموم؛ لأن "ما" في: {ما لا طاقة لنا به} هي الموصولة أو الموصوفة أي: لا تحملنا الشيء الذي لا طاقة لنا به أو شيئًا لا طاقة لنا به، فقال: نعم أو قال: قد فعلت.

وهكذا يصح أن تكون "ما" في "ما حدثت به أنفسها" موصوفة، كما يصح أن تكون موصولة، أي: الشيء الذي حدثت به أنفسها أو شيئًا حدثت به أنفسها. وهكذا في: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} كما صح أن تكون "ما" موصولة يصح أن تكون موصوفة؛ أي: إن تبدوا الشيء الذي في أنفسكم أو شيئًا في أنفسكم أو تخفوا الشيء الذي في أنفسكم أو شيئًا في أنفسكم (٣).

فتقرر لك بهذا أن الشيء الذي تجاوز الله لهذه الأمة من حديث النفس هو كل ما


(١) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٢٥) وأحمد (٢/ ٤١٢). والبيهقي في "الشعب" رقم (٣٢٧) وهو حديث صحيح.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٢٦) والنسائي في تفسيره (١/ ٢٩٣ رقم ٧٩). والترمذي رقم (٢٩٩٢) وقال: هذا حديث حسن. وهو كما قال.
(٣) انظر: إعراب القرآن الكريم وبيانه (١/ ٤٤٦ - ٤٤٨). محيي الدين الدرويش.