للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان معذورًا -في الواقع- لكن إذا قدر على تأدية الصلاة بطهارة كاملة مع انقطاع الخارج منه، فذلك متحتم لازم، لأن الطهارة فريضة من فرائض الصلاة المتعينة على كل مصل، إذا كان متمكنا من ذلك غير معذور عنه.

وأما ما سأل عنه -عافاه الله- من كون شهود الخطبة واجبًا أم لا؟

فلم يتقرر لهذا بدليل صحيح معتبر ما يدل على وجوب الخطبة في الجمعة حتى يكون شهودها واجبًا.

والفعل الذي وقعت المداومة عليه لا يستفاد منه الوجوب، بل يستفاد منه أن ذلك المفعول على الاستمرار سنة من السنن المؤكدة.

فالخطبة في الجمعة سنة من السنن المؤكدة، وشعار من شعائر الإسلام [٦ ب] لم تترك منذ شرعت إلى موته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، ولا أقيمت صلاة جمعة بغير خطبة.

وهكذا ما بعد عصره، في جميع الأقطار إلى هذا العصر لم تترك في قطر من أقطار المسلمين، ولا أهملت في عصر من العصور الإسلامية.

وأما كونها واجبة مفترضة، فلم يأت في كتاب الله سبحانه ولا في سنة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ما يدل على ذلك، ولا بلغ إلينا ما يفيد الوجوب.

وقد استدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: {فاسعوا إلى ذكر الله} (١) وأن السعي إذا كان مأمورًا به، كان المسعو إليه أولى بالوجوب؟

ويجاب عن هذا: بأن الذكر المأمور بالسعي إليه هو صلاة الجمعة، كما في أول الآية: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله}. فالمسعو إليه هو الصلاة، والصلاة هي ذكر الله.

واستدل بعض القائلين بوجوب الخطبة بقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: (صلوا كما رأيتموني


(١) [الجمعة: ٩].