للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصلي» (١).

وهذا استدلال غير صحيح؛ فإن النزاع في الخطبة، وليست بصلاة فكيف يستدل عليها بهذا الحديث؟

ولعل هذا المستدل قد علق بذهنه ما يقوله بعض الفقهاء من أن خطبة الصلاة كركعتين، فحقق هذا التشبيه، وجزم بأنها ركعتان، ثم استدل عليها فغلط غلطا متكررًا، وخبط خبطا شديدًا، وغفل عن كون القائل من الفقهاء إنما قال: إنها كركعتين، ولم يقل: إنها ركعتان والذي حمل هذا القائل على أنها كركعتين شيء لا يقع في ذهن متيقظ، ولا ينفق على محقق.

وذلك أنه لما استقر في ذهنه أن صلاة الجمعة بدل عن الظهر، وأن الظهر أربع ركعات، ظن أن البدل لا بد أن يكون كالمبدل في العدد؛ فجعل الخطبة منزلة منزلة ركعتين، فجاء بجهل مرتب على جهل.

وتكلم بباطل متفرع على باطل! وهكذا من توغل في الرأي، وجعله مرجعا للمسائل الشرعية؛ فإنه يأتي بمثل هذه الخرافات المخزية!.

وبالجملة، فلا شيء من كتاب، ولا سنة يدل على أن الخطبة واجبة من واجبات الشريعة، وفريضة من فرائضها!.

ولو كان طول الملازمة يستفاد منه الوجوب، لكانت نوافله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وأذكاره التي داوم عليها، ولم يخل بها واجبة! واللازم باطل بإجماع المسلمين فالملزم مثله.

وبيان الملازمة: اتصاف الخطبة، وهذه النوافل، والأذكار بكون كل واحدة منه وقعت الملازمة له، والمداومة عليه، والمواظبة على فعله، وبيان بطلان اللازم: إجماع المسلمين أجمعين -إلا من لا يعتد بخلافه- أن تلك النوافل التي واظب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، والأذكار التي كان يحافظ عليها، غير واجبة [٧ أ]!.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٣١) وأبو داود رقم (٥٨٩) والترمذي رقم (٢٠٥) والنسائي (٢/ ٧٧) وابن ماجه رقم (٩٧٩) من حديث مالك بن الحويرث.