للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روي من وجه آخر من حديث أبي بكر الصديق عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "الشرك أخفى فيكم من ديب النمل"فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من دعا مع الله إلها آخر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [٦] " الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل، ثم قال: ألا أدلك على ما يذهب عنك صغير ذلك وكبيره؟ قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم ". رواه من هذا الوجه أبو بكر الموصلي (١) ورواه أيضا الحافظ أبو القاسم البغوي (٢) من حديث أبي بكر الصديق بلفظ: " الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل على الصفا " فقال أبو بكر: يا رسول الله فكيف النجاة والمخرج من ذلك؟ قال: ألا أخبرك بشيء إذا قلته برئت من قليله وكثيره وصغيره وكبيره؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: " قل اللهم إني أعوذ بك أن أشرك ما أعلم وأستغفرك لما لا أعلم.

قلت: إذا كان من جملة أنواعه ما هو أخفى من دبيب النمل كما نطق به الصادق المصدوق فمعلوم أن يجهله غالب الخاصة فضلا عن العامة، ولهذا قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما سمع ذلك من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهل الشرك إلا من دعا مع الله إلها آخر فأجاب عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: " الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل " مؤكدا لقوله السابق.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في تفسير (٣) قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} أنه قال: " الأنداد أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن يقول وحياتك يا فلان وحياتي وتقول لولاك ما كلمته وما كان هذه المنزلة


(١) في المسند (١/ ٦٠ - ٦١ رقم ٥٨) بإسناد ضعيف.
وأورده الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٤٤) وقال: رواه أبو يعلى من رواية ليث بن أبى سليم، عن أبى محمد، عن حذيفة، وليس مدلس، وأبو محمد إن كان هو الذي روى عن ابن مسعود، أو الذي روى عن عثمان بن عفان، فقد وثقه ابن حبان، وإذ كان غيرهما فلم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٢) لم أجده في الجعديات.
(٣) (١/ ٦٢ رقم ٢٢٩).