للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" الدنيا ملعونة [و (١)] ملعون ما فيها إلا ذكر الله أو عالم أو متعلم " (٢)، وبهذا التقرير يتضح الصواب، وينكشف عن وجه السؤال كل جلباب.

البحث الثالث: في جواب ما أورده السائل [كثر الله فوائده] (٣) من الوجوه فقال:

الوجه الأول: كيف تكون الدنيا أصل الخطايا مع أن حبها أمر جبلي؟

فنقول: [إن] (٤) الأمر الجبلي هو محبة الحياة، وما لا يمكن حفظها إلا به، وأما محبة التكاثر المفضي إلى التكالب على الدنيا، وكذلك محبة الشرف والرياسة والعلو والظفر من كل شيء بأحسنه، فهذا إنما هو [في] (٥) جبلة الطبائع الشيطانية لا الطبائع الإنسانية، فإذا كان الشخص مفتونا بحب شيء من ذلك فهو الذي أرخى عنان نفسه حتى تفلتت


(١) زيادة من (أ).
(٢) تقدم، وهو حديث حسن.
قال القرطبي في " المفهم " (٧/ ١٠٩): ووجه الجمع بينهما أن المباح لعنه من الدنيا ما كان منها مبعدا عن الله وشاغلا عنه، كما قال بعض السلف: كل ما شغلك عن الله تعالى من مال وولد فهو عليك مشئوم، وهو الذي نبه الله على ذمه بقوله تعالى: (أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد) [الحديد: ٢٠]، وأما ما كان من الدنيا يقرب إلى الله تعالى ويعين على عبادة الله تعالى فهو المحمود بكل لسان، والمحبوب لكل إنسان، فمثل هذا لا يسب، بل يرغب فيه ويحب، وإليه الإشارة بالاستثناء حيث قال: " إلا ذكر الله، وما والاه، أو عالم، أو متعلم "، وهو المصرح به في قوله: " فإنها نعمت مطية المؤمن، عليها يبلغ الخير، وبها ينجو من الشر ".
(٣) زيادة من (أ).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) زيادة من (أ).