للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قال.

وأما ما ذكره السائل [عافاه الله] (١) من أنه قد يقول بعض من يحمل الجنازة بالنفي فقط ثم يجيبه الآخر بالإثبات، فلا يخفى [٢] أن هؤلاء لهم عذر واضح، وهو أنهم قد جعلوا أنفسهم بمنزلة الشخص الواحد، فكأن مجموع النفي والإثبات [قائم] (٢) بكل واحد منهم، وهم لا يريدون غير هذا، ولو قيل للنافي: كيف قلت: لا إله فقط، فإن ذلك يستلزم نفي إلهية الرب سبحانه؟ لقال: لم أرد هذا [٣ أ]، بل أردت أنه الإله وحده اكتفاء بالاستثناء الواقع من الآخرين، فهذا اللفظ وإن كان مستنكرا (٣) وبدعة، ولكنه لا يستلزم ما فهمه السائل، والعمدة على ضمائر القلوب ومقاصد النفوس، ومثل هذا في الابتداع ما يلهج به كثير من المتصوفين (٤) في أنه يهمل اللفظ الدال على النفي، ويقتصر على اللفظ الدال على الاستثناء تحرجا منه عن مدلول [بلفظ] (٥) النفي الشامل، وهو جهل منه، فإن الكلام بتمامه


(١) زيادة من (أ).
(٢) في (أ): قام.
(٣) قال النووي في " الأذكار " (ص ٢٠٣): واعلم أن الصواب والمختار وما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوت في حال السير مع الجنازة، فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك، والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق، ولا تغتر بكثرة من يخالفه، فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما معناه: " الزم طرق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين ".
وقد صدر عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال الرابع من " الفتوى " رقم (٧٥٨٢):
سؤال: هل يصح تشييع الجنازة مع التهليل والأذان بعد وضعه في اللحد؟ جواب: لم يثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه شيع جنازة مع التهليل ولا الأذان بعد وضع الميت في لحده، ولا ثبت ذلك عن أصحابه رضي الله عنهم فيما نعلم، فكان بدعة محدثة، وهي مردودة لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه البخاري رقم (٢٦٩٧)، ومسلم رقم (١٧١٨).
(٤) انظر: البدع والمحدثات وما لا أصل له (ص ٣٥٩ - ٣٦٠)، " أحكام الجنائز وبدعها " للألباني (ص ٩٢).
(٥) زيادة من (ب).