للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مأمور بأن يحكم فيها بحكم الله (١) عز وجل، فلا يحكم بإقرار ولا شهادة ولا يمين ولا بقول حتى يعلم أن هذه الأمور يصح جعلها حجة للحكم، ولا يكون ذلك إلا بانتهاض دليلها، وخلوصه عن شوائب القدح والنقض والمعارضة، فإذا ثبت له ذلك بالبرهان الذي تقوم به الحجة فالبحث عما عداه يسير؛ لأنه يعرف مثلا عدالة الشهود (٢) بمجرد التزكية وعدم المعارضة لها بالجرح، ويعرف حال الخصمين في الورع والوقوف على رسوم الشرع، وعدم التهور في الدعاوى الباطلة، أو إنكار ما يجب التخلص عنه بالبحث عن حالهما، وذلك إنما هو بعد ثبوت حكم الاستجابة بذلك المستند [١ ب].

فلو قدرنا أنه أجهد نفسه في البحث عن أحوال الشهود، أو عن حال الخصمين قبل


(١) قال ابن القيم في " أعلام الموقعين " (١/ ٨٦): قوله - عمر بن الخطاب -: " القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة " يريد به أن ما يحكم به الحاكم نوعان:
أحدهما: فرض محكم غير منسوخ كالأحكام الكلية التي أحكمها الله في كتابه.
الثاني: أحكام سنها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذان النوعان هما المذكوران في حديث عبد الله بن عمر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " العلم ثلاثة فما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، وسنة قائمة، وفريضة عادلة ".
(٢) كما في رسالة عمر لأبي موسى الأشعري: " والمسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجربًا عليه شهادة زور، أو مجلودًا في حد، أو ظنينًا في ولاء أو قرابة، ثم الفهم الفهم فيما أولي إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة. . . ".