للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعيد مرفوعا: " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى، قال: الشرك الخفي يقوم الرجل فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل ". وأخرج النسائي (١) من حديث ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أن رجلا قال ما شاء الله وشئت" فقال: " أجعلتني لله ندا قل: ما شاء الله وحده "، وأخرج أحمد (٢) من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك " قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: " أن يقول أحدكم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك".

وبالجملة فالأحاديث في هذا الباب كثيرة وقد أوردت منها شطرا صالحا في رسالتي المسماة " الدر النضيد في إخلاص التوحيد" (٣) وتكلمت على أطرافها وما يستفاد منها بما فيه كفاية، وليس المراد هنا إلا بيان ما قصدنا بيانه من أن في بعض أنواع ما يطلق عليه اسم الشرك خفاء ودقة من غير نظر إلى كونه شركا أكبر أو أصغر، فمن وقع في شيء من هذه الأنواع أو ما يشابهها جاهلا فلا شك أن أتي من تقصيره في طلب علم الشرع وسؤال أهله ولكنه يجب على من أتاه الله من علمه وارتضاه لحمل دينه أن يبين لهذا الجاهل ما شرعه الله لعباده مما جهله وخفي عليه علمه وفاء بما أخذه الله على الذين أوتوا الكتاب من البيان للناس وأن لا يكتموه (٤) عنهم، فإن نزع ذلك الجاهل بعد البيان عن


(١) تقدم تخريجه في الرسالة السابقة رقم (١).
(٢) في المسند (٢/ ٢٢٠).
وأورده الهيثمي في المجمع (٥/ ١٠٥) وقال: رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات".
وهو حديث صحيح.
(٣) تم تحقيق هذه الرسالة ضمن هذا القسم " الفتح الرباني " العقيدة رقم (٤).
(٤) يشير إلى قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [آل عمران:١٨٧].