للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغواية ورجع من طريق [٩] الضلالة إلى طريق الهداية فقد وفى العالم بما أوجبه الله عليه من البيان والتعليم، ووفى الجاهل بما أوجبه الله عليه من التعلم، وإن أبى إلا اللجاج والمشي على جادة الاعوجاج انتقل معه ذلك العالم من طريقة التليين إلى طريقة التخشين، فإن أصر واستكبر وصمم على غيه وضلاله، واختار العمى على الهدى، وكان ما وقع فيه وجادل عنه من الشرك الأكبر الذي يخرج صاحبه به من فريق المسلمين إلى زمرة المشركين فالسيف هو الحكم العدل.

فإن قلت قد جعل بعض أهل العلم كفر هؤلاء القبوريي ن الذين يعكفون على قبور من يعتقدونه من الأموات عكوف أهل الجاهلية على أصنامهم فيدعونهم مع الله عز وجل أو من دونه ويستغيثون بهم ويطلبون منهم ما لا يقدر عليه إلا الله -عز وجل- من الكفر العملي لا الكفر الجحودي، واستدل على ذلك مما ورد في الأحاديث الصحيحة من كفر تارك الصلاة كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" (١) وكما ورد فيمن ترك الحج من قوله سبحانه: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} وكقوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} (٢) ونحو ذلك من الأحاديث الواردة


(١) أخرجه مسلم رقم (١٣٤/ ٨٢) وأبو عوانة (١/ ٦١، ٦٢) والترمذي رقم (٢٦١٨) و (٢٦١٩) و (٢٦٢٠) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي رقم (٤٦٥) وأحمد (٣/ ٣٨٩) وابن ماجه رقم (١٠٧٨) والبيهقي (٣/ ٣٦٦) والبغوي في شرح السنة (٢/ ١٧٩) من طرق عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " والسياق لمسلم.
وأخرجه أبو داود رقم (٤٦٧٨) والدارقطني (٢/ ٥٣) والطبراني في " الصغير " (١/ ١٣٤) وصححه الحاكم (٤/ ٢٩٦، ٢٩٧) ووافقه الذهبي وهو كما قالا. والدارمي (١/ ٢٨٠) وأبو يعلى (٣/ ٣١٨ - ٣١٩ رقم ١٦/ ١٧٨٣) من طريق حماد عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا، به.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح.
(٢) [المائدة: (٤٤)].