للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كفر من أتى امرأة حائضا أو كاهنا أو عرافا أو قال لأخيه يا كافر، ومن ذلك ما عقده البخاري في صحيحه (١) من كتاب الإيمان في كفر دون كفر، وجعل هذا من الكفر الذي لا يضاد الإيمان من كل وجه.

وروي عن ابن القيم نحوا مما قاله وجعل ما نقله عنه مؤيدا لكلامه- قلت: ... ليس هذا بصحيح ولا مستقيم فإن من يدعو الأموات ويهتف بهم عند الشدائد ويطوف بقبورهم ويطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل [١٠] لا يصدر منه ذلك إلا عن اعتقاد كاعتقاد أهل الجاهلية في أصنامهم هذا إن أراد من الميت الذي يعتقده ما كان تطلبه الجاهلية من أصنامهم من تقريبهم إلى الله فلا فرق بين الأمرين؛ وإن أراد استغلال من يدعوه من الأموات بأن يعطيه ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل فهذا أمر لم تبلغ إليه الجاهلية فإنهم قالوا ما حكاه الله عنهم: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} (٢) ولم يدَّعوا لأصنامهم أنهم يستقلون بإيصالهم إلى ما يطلبونه دون الله عز وجل فهذا هو شرك الجاهلية الذي بعث الله لأجله رسله وأنزل فيه كتبه وقاتلتهم الأنبياء عليه.

وأما الخلق والرزق والموت والحياة ونحو ذلك فالجاهلية يقرون في جاهليتهم وقبل بعثة الرسل التفهم بأن الله سبحانه هو المستقل بذلك: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله} (٣)، {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن}


(١) باب: كفران العشير، وكفر دون كفر. (١/ ٨٣ رقم الباب ٢١ رقم ٢٩). من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُريت النار، فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال:- يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط ".
(٢) [الزمر: (٣)].
(٣) [الزخرف: (٨٧)].