للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو الحقيق بإخلاص توحيده، ثم مادة الفعل أعني لفظ (نعبد) يفيد معنى آخر: ثم المجيء بنون الجماعة الموجبة لكون هذا الكلام صادرا عن كل من تقوم به العبادة من العابدين كذلك فكانت الدلالات في هذه الجملة ثلاثا.

الأولى: في إياك مع النظر إلى الفعل الواقع بعده.

الثانية: ما يفيده مادة (نعبد) مع ملاحظة كونها واقعة لمن [١٥] ذلك الضمير عبارة عنه وإشارة إليه.

الثالثة: ما تفيده النون مع ملاحظة الأمرين المذكورين، ولا تزاحم بين المقتضيات.

الثاني والعشرون والثالث والعشرون والرابع والعشرون: قوله: {وإياك نستعين} (١) فإن تقديم الضمير معمولا لهذا الفعل له معنى، ثم مادة هذا الفعل لها معنى آخر، فإن من كان لا يستعان بغيره لا ينبغي أن يكون له شريك، بل يجب إفراده بالعبادة وإخلاص توحيده؛ إذ وجود من لا يستعان به كعدمه. وتقرير الكلام في الثلاث الدلالات كتقريره في إياك نعبد فلا نعيده.

الخامس والعشرون والسادس والعشرون والسابع والعشرون: قوله: {اهدنا الصراط المستقيم} فإن طلب الهداية منه وحده باعتبار كون هذا الفعل واقعا بعد الفعلين (٢) اللذين تقدم معمولهما فكان له حكمهما، وإن كان قد تغير أسلوب الكلام في الجملة حيث لم يقل نستهدي أو نطلب الهداية حتى يصح أن يكون ذلك الضمير المتقدم المنصوب معمولا له تقديرا، لكن مع بقاء المخاطبة وعدم الخروج عما تقتضيه لم يقطع النظر عن ذلك الضمير الواقع على تلك الصورة لتوسطه بين هذا الفعل، أعني (اهدنا)


(١) وفي إعادة " إياك " مرة أخرى دلالة على تعلق هذه الأمور بكل واحد من الفعلين. ففي إعادة الضمير من قوة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه. مدارج السالكين (١/ ١٠٣).
وانظر معترك الأقران في إعجاز القرآن (١/ ١٤٠).
(٢) أي " نعبد ونستعين ".