للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخلو عنه الذنب قط. ولو فرضنا أنه يخلو عنه لم يكن إنسانا بل غير إنسان، لأن العصمة لجملة النوع باطلة، وما استلزم الباطل باطل.

وقد قضى الله في سابق علمه كما أخبرنا بذلك في كتابه (١) على لسان رسله أن فريقا من هذا النوع في الجنة، وفريقا في السعير. وأن منهم الشقي والسعيد، والبر والفاجر، والمسلم والكافر. وأخبرنا أيضًا على لسان (٢) رسله أنه خلق الجنة وخلق لها أهلا، وخلق النار وخلق لها أهلا، وأخبرنا أيضًا أنه الغفور الرحيم، المنتقم الجبار، شديد العقاب ونحو


(١) منها قوله تعالى: (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير) [الشورى: ٧].
(٢) منها ما أخرجه أحمد (١/ ٤٤ - ٤٥) وأبو داود رقم (٤٧٠٣) والنسائي في "تفسيره" رقم (٢١٠) والترمذي (٥/ ٢٢٦ رقم ٣٠٧٥) وقال: هذا حديث حسن. وابن حبان (١٨٠٤ - موارد) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عنها (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى). [الأعراف: ١٧٢]، فقال: "إن الله خلق آدم عليه السلام ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية، قال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون. ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون" فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا خلق الله العبد للجنة استعمله بأعمال أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال الجنة فيدخل به الجنة، وإذا خلق الله العبد للنار استعمله بأعمال أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار".
وهو حديث صحيح لغيره.