للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسئلة للمقلدين]

ثم نقول للمقلد أيضًا أنت في تقليدك للعالم في مسائل العبادات والمعاملات إما أن تكون في أصل مسألة جواز التقليد مقلدًا أو مجتهدًا: إن كنت مقلدًا فقد قلدت في مسألة لا يجيز إمامك التقليد فيها لأنها مسألة أصوليةٌ والتقليدُ إنما هو في مسائل الفروع فمذا صنعت في نفسك يا مسكين؟.

وكيف وقعت في هذه الهوة المظلمة وأنت تجد عنها فرجًا ومخرجًا.

وإن كنت في أصل هذه المسألة مجتهدًا فلا يجوز لك التقليد لأنك لا تقدر على الاجتهاد في مثل هذه المسألة الأصولية المتشعبة المشكلة إلا وأنت ممن علّمه الله علمًا نافعًا تخرج به من الظلمات إلى النور.

فما بلك توقع نفسك فيما لا يجوز لها وتقلّد الرجال في دين الله بعد أن أراحك الاله منه واقدرك على الخروج منه.

هذا على ما هو الحق من أن الاجتهاد (١) لا يتبعّض، وأنه لا يقدر على الاجتهد في بعض المسائل إلا من قدر على الاجتهاد في جميعها لأن الاجتهاد [٤٩] هو ملكة تحصل لنفس عند الإحاطة بمعارفه المعتبرة ولا ملكة لمن لم يعرف إلا البعض من ذلك.

فإن استروحت إلى أن الاجتهاد يتبعّض أعدنا عليك السؤال فنقول. هل عرفت أن الاجتهاد يتبعض بالاجتهاد أم بالتقليد؟. فإن كنت عرفت ذلك بالتقليد فالمسألة أصولية لا يجوز التقليد فيها باعترافك واعتراف إمامك. وإن كنت عرفت ذلك بالاجتهاد فهذه


(١) أنظر تفصيل ذلك مفصلًا في «الكوكب المنير» (٤/ ٤٧٣ - ٤٧٥)، «تيسير التحرير» (٤/ ١٨٣).
* القول بتجزأ الاجتهاد هو لأكثر المتكلمين والمعتزلة وأكثر الفقهاء، وقال به الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وأيده الآمدي وابن الحاجب وابن دقيق العبد وابن السبكي.
انظر إعلام الموقعين (٤/ ٢٧٥) الإحكام الآمدي (٢/ ٣٨٦).
* وقيل لا يتجزأ وقيل يتجزأ في باب لا في مسألةٍ وقيل في الفرائض لا في غيرها.
انظر: إعلام الموقعين (٤/ ٢٧٥).