للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضًا مسألة أخرى من مسائل الأصول أقدرك الله على الاجتهاد فيها فهلا صنعت هذا الصنع في مسائل الفروع فإنك على الاجتهاد فيها أقدر منك على الاجتهاد في مسائل الأصول.

فاصنع من مسائل الفروع هكذا واستكثر من علوم الاجتهاد حتى تصير من أهله ويفرج الله عنك هذه الغمة ويكشف عنك بما علّمك هذه الظلمة فإنك إذا رفعت نفسك إلى الاجتهاد الأكبر فالمسافة قريبة، ومن قدر على بعض قدر على الكل.

ومن عرف الحق في المعارك الأصولية عرفه في المسائل الفروعية وستعرف بعد أن تعرف علوم الاجتهاد كما ينبغي بطلان ما تظنه الآن من جواز التقليد ومن تبعض الاجتهاد، بل لو طرحت عنك العصبية وجردت نفسك لفهم ما حررته لك في هذه الورقات من أوله إلى آخره لقادك عقلك وفهمك إلى أنه الصواب قبل أن تجمع معارف الاجتهاد، فالفهم قد تفضل الله به على غالب عباده والحق لا يحتجب عن أهل التوفيق والإنصاف شاهد صدق على وجدان الحق، ولهذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:» أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس» [٥٠] وهو حديث أخرجه الحاكم في مستدركه (١) وصححه وأخرجه أيضًا (٢) غيره.

فإن طال بك اللجاج وسلكت من جهالتك في فجاج، وتوقحت غير محتشم، وأقدمت غير محجم، فقلت إن مسألة جواز التقليد هي وإن كانت مسألة أصولية وقد أطبق الناس على أنه لا يجوز التقليد في مسائل الأصول وصار هذا معروفًا عند أبناء جنسي من المقلّدين لكني أقول بأن التقليد فيها وفي سائر مسائل الأصول جائز.

فنقول ومن أين عرفت جواز التقليد في مسائل الأصول هل كان هذا منك تقليدًا أم


(١) (٢/ ٤٨٠) من حديث ابن مسعود وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: ليس بصحيح فإن الصعق وإن كان وثق فإن شيخه منكر الحديث. قاله البخاري.
(٢) كالعقيلي في الضعفاء (٣/ ٤٠٨) في ترجمة عقيل الجعدي من طريق الصعق به.