للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه الآيات الكريمة متناولة لكل من لم يحكم بما أنزل الله، وأنت لا تدّعي أنك حكمت بما أنزل الله. بل تقر أنك حكمت بقول العالم الفلاني ولا تدري هل ذلك الحكم الذي حكم به هو من محض رأيه أم من المسائل التي استدل عليها بالدليل ثم لا يدري أهو أصاب في الاستدلال أم أخطأ وهل أخذ بالدليل القوي أم الضعيف فانظر يا مسكين ما صنعت بنفسك فإنك لم يكن جهلك مقصورًا عليك بل جهلت على عباد الله فأرقت الدماء وأقمت الحدود وهتكت الحرم بما لا تدري فقبح الله الجهل ولا سيما إذا جعله صاحبه شرعًا ودينًا له وللمسلمين فإنه طاغوت عند التحقيق [٥٦] وإن ستر من التلبيس بستر رقيق فيا أيها القاضي المقلد أخبرنا أي القضاة الثلاثة أنت الذين قال فيهم رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- القضاء ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة» (١) والذي في الجنة قاض قضى بالحق وهو يعمل أنه الحق فبالله عليك هل قضيت بالحق وأنت تعلم أنه الحق؟ إن قلت نعم فأنت وسائر أهل العلم تشهدون بأنك كاذب لأنك معترفٌ بأنك لا تعلم بالحق وكذلك سائر الناس يحكمون عليك بهذا من غير فرقٍ بين مجتهدٍ


(١) أخرجه أبو داود رقم (٣٥٧٣) والترمذي رقم (١٣٢٢) وابن ماجه رقم (٢٣١٥). والنسائي في «السنن الكبرى» (٣/ ٤٦١ رقم ٥٩٢٢/ ١) والحاكم في «المستدرك» (٤/ ٩٠) وقال: «صحيح الإسناد» ورده الذهبي بقوله: «ابن كثير الغنوي منكر الحديث».
قال الألباني في الإرواء (٨/ ٢٣٦): «وشيخه حكيم بن جبير مثله أو شر منه فقال فيه الدارقطني: متروك، ولم يوثقه أحد بخلاف البغوي فقد قال الساجي: «من أهل الصدق، وليس بالقوي وذكر له ابن عدي مناكير وهذا كل ما جرح به، وذكره ابن حبان في الثقات».
فقول الذهبي: منكر الحديث لا يخلو من مبالغة، وقد قال في «الضعفاء»: «ضعفوه ولم يترك». وهو حديث صحيح.
عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «القضاة ثلاثة: أثنان في النار، وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجلٌ لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار».