للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البحث الخامس من مباحث السؤال الثاني:

قوله: وكذلك إذا أخرج أصحاب السنن عن شخص ورووا عنه كفعل البخاري (١) عن مروان هو تعديل أم لا؟

والجواب أنه إذا كان لذلك الراوي شرط معروف فيمن يروي عنه وكان من أهل التحري والإتقان والخبرة الكاملة في الفن، وصرح بأنه لا يروي إلا عمن حصل فيه ذلك الشرط كان الظاهر وجود الشرط المذكور في جميع رواته، فإن كان المجتهد يرى أن ما جعله ذلك الراوي شرطا تحصل به مفهوم العدالة عند، وفي اجتهاده فلا بأس بذلك، وإن لم يكن للراوي شرط معروف، أو كان ولكن لا يراه المجتهد المطلع على ذلك محصلا لمفهوم العدالة فلا يكون ذلك تعديلا، فلا بد من هذا التفصيل وتقييد أقوال المختلقين في هذه المسألة به فاعرفه.

البحث السادس من مباحث السؤال الثاني:

قوله: وهل مسألة الجرح والتعديل يصح فيها التقليد ... إلخ؟

أقول: ينبغي أن يعلم السائل عافاه الله أن التقليد (٢) هو قبول رأي الغير دون روايته من دون مطالبة بالحجة، وتعديل المعدل للراوي ليس من الرأي في ورد ولا صدر بل هو


(١) تقدم في رسالة" أسئلة وأجوبة عن قضايا الشرك والتوحيد " رقم (١).
(٢) التقليد لغة: جعل القلادة في العنق، ومنه تقليد الهدي في الحج، أي جعل القلادة في عنق ما يهدي إلى الحرم من النعم.
وفي اصطلاح الأصوليين: هو أن قول الغير من غير معرفة دليله.
انظر: نزهة الخاطر العاطر (٢/ ٤٤٩ - ٤٥٠).
قال الشوكاني في " القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد- سيأتي تحقيقها ضمن الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني في قسم الفقه وأصوله-: " إن التقليد لم يحدث إلا بعد انقراض خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وأن حدوث التمذهب بمذاهب الأئمة الأربعة إنما كان بعد انقراض الأئمة الأربعة، وأنهم كانوا على نمط من تقدمهم من السلف في هجر التقليد وعدم الاعتداد به وأن هذه المذاهب إنما أحدثها عوام المقلدة لأنفسهم من دون أن يأذن بها إمام من الأئمة المجتهدين ".